قال رحمه الله مخمسا قصيدة عمة المرحوم السيد مهدي السيد داود (346) في مدح الحاج محمد صالح كبه: ويمدح به ولديه الحاج مصطفى والحاج محمد حسن كبه:
إذا عن لي برق يضيء على البعد * نزت كبدي من شدة الشوق والوجد وناديت معتل النسيم بلا رشد * (نسيم الصبا استنشقت منك شذا الند فهل سرت مجتازا على دمنتي (هند)؟) وهل لسليم الحب أقبلت راقيا؟ * بنشر فتاة الحي إذ كان شافيا فما كنت إلا للصبابة داعيا * (فذكرتني نجدا وما كنت ناسيا ليال سرقناها من الدهر في نجد) نواعم عيش مازج الانس زهرها * رطاب أديم خالط المسك نشرها رقاق حواش قرب الوصل فجرها * (ليال قصيرات، ويا ليت عمرها يمد بعمري فهو غاية ما عندي) رياح الهنا (347) فيها تنشقت عرفها * وفيها مدام اللهو عاقرت صرفها لدى روضة لا يبلغ العقل وصفها * (بها طلعت شمس النهار فلفها ظلامان من ليل ومن فاحم جعد) سوادان يعمى الفجر بين دجاهما * هما اثنان لكن واحد منتماهما أتت تتخفى خيفة في رداهما (348) * (ولو لم تغطي (349) خدها ظلمتاهما لشق عمود الصبح من وجنة الخد) فأبصرت منها إذ سهت منه غرة * محيا هو الشمس المنيرة غرة ولاح لها خد، هو النور نضرة * (قد اختلست منها عيوني نظرة أرتني لهيب النار في جنة الخلد) تحيرت في بدر من الوجه زاهر * يلوح على غصن من القد ناضر وأسياف لحظ في الجفون بواتر * (وفي وجنتيها حمرة شك ناظري أمن دم قلبي لونها أم من الورد) فبالشذر أيدي الحسن طرزن صدرها * وبالنجم لا بالدر وشحن خصرها لها مقلة (هاروت) ينفث سحرها * (وفي نحرها عقد توهمت ثغرها لئالئه نظمن من ذلك العقد) بنفسي هيفاء (350) الوشاح من الدمى * سقتني حميا الراح صرفا من اللمى فأمسيت من (351) وصف المدام متيما * (وما كنت أدري ما المدام، وإنما عرفت مذاق الراح من ريقها الشهد) وقبل ارتشاف الثغر ما لذة الهنا * وقبل سنا الخدين ما لامع السنا وقبل رنين الحلي ما رنة الغنا * (وقبل اهتزاز القد ما هزة القنا وقبل حسام اللحظ ما الصارم الهندي) لها كل يوم عطفة ثم نبوة * وما علقت فيها بقلبي سلوة فمن بعدها زادت بقلبي صبوة * (ومن قربها مالت برأسي نشوة صحوت بها يا (مي) من سكرة البعد) ولاعجب إن يشف في عطف قلبها * سقام جفاها (352) يوم بت بجنبها هي الداء طورا والشفاء لصبها * (وإن زال سكر البعد من سكر قربها فلا طب حتى يدفع الضد بالضد) فمذ كنت ذرا قد تعشقت (زينبا) * وفي عالم الأصلاب زدت تعذبا وكنت بها في ظلمة الرحم مطربا * (تعشقتها طفلا وكهلا وأشيبا وهما عرته رعشة الرأس والقد) أغار عليها أن يمر بشعبها * نسيم الصبا أو يكتسي طيب تربها وأدري بحبي كيف بات بقلبها * (ولم تدر (ليلى) أنني كلف بها وقلبي من نار الصبابة في وقد) وأخفيت عن نفسي هوى سقمه شكت * ولم تدر أحشائي بمن نارها ذكت وكفي لأسناني لمن أسفا نكت * (وما علمت من كتم حبي لمن بكت جفوني (353) ولا قلبي لمن ذاب في الوجد) إذا ما تذاكرنا الهوى بتشبب * أتيت بتشبيب عن الشوق معرب وموهت في ضرب من اللحن مطرب (354) * (فاذكر (سعدي) والغرام (بزينب) وأدفع في (هند) و (مية) عن (دعد) وإن قلت إني واجد في جآذر * فوجدي (بريا) لا بوحش نوافر وإن قلت (أروى) فالمنى (أم عامر) * (وإن قلت شوقي باللوى فبحاجر أو (المنحنى) فاعلم حننت إلى (نجد) فيحسب طرفي في هوى تلك قد قذي * وأن بهاتيك العذارى تلذ ذي وفي ذكر أوطان لها القلب يغتذي * (وما ولعت نفسي بشئ سوى (355) الذي ذكرت، ولكن تعلم النفس ما قصدي) وأكرم أرباب الغرام الألى خلوا * أناس أسروا سره مذ به ابتلوا