ألا تراه قال في تفسير البيت: وإنما يريد: وإما من خريف. فحمل معنى البيت على إرادة الشاعر وذلك أن الشاعر ذكر وعلا يريد هذا الماء متى شاء فقال: المتقارب * إذا شاء طالع مسجورة * يرى حولها النبع والساسما * سقته الرواعد من صيف......................... البيت فقال: مسجورة أي: مملوءة من صيف أو من خريف فلن يعدم الوعل ريا على كل حال.) فأعلم أن ذلك ثابت له. وليس للجزاء في هذا البيت معنى يحسن في الشعر ويليق بمراد الشاعر لأنه إذا حملها على الجزاء فإنما يريد: إن سقته لم يعدم الري وإن لم تسقه عدم.
فلا فائدة في هذا يحسن معهما الشعر ولا يشبه قوله: إذا شاء طالع مسجورة. فقد جعل ذلك له متى شاء وجعلها مملوءة.
فلهذا أخر سيبلويه معنى الجزاء ولم يرد أن الجزاء مراد الشاعر وإنما أراد أن مثال هذا لو وقع في كلام غير هذا البيت لجاز فيه هذا التأويل لأنه مراد الشاعر.
وأما قوله: لا يجوز إلقاء ما من إلا في غاية الضرورة فكذا قال سيبويه أنه لا يجوز إلا في الشعر للضرورة. وقد وافقه على ذلك وليس بين القولين فرق غير زيادته: غاية.
ومع هذا فالعرب تحذف من نفس الكلمة للضرورة مع زوال اللبس فما بالها لا تحذف الزوائد للضرورة مع زوراله. وما هنا زائدة في إما وقد دل على صحة ذلك وجوازه في الشعر بالبيت الذي قبله وهو: