خزانة الأدب - البغدادي - ج ٦ - الصفحة ١٨٤
الكذب مستعملا في المستقبل. قال تعالى: ذلك وعد غير مكذوب. ومن المجاز حديث: صدق الله وكذب بطن أخيك. قال صاحب النهاية: استعمل الكذب ها هنا مجازا حيث هو ضد الصدق.
والكذب يختص بالأقوال فجعل بطن أخيه حيث لم ينجع فيه العسل كاذبا لأن الله تعالى قال: فيه شفاء للناس. وقد ألف أبو بكر بن الأنباري رسالة في معاني الكذب قال: الكذب ينقسم على خمسة أقسام: إحداهن: تغيير الحاكي ما يسمع وقوله ما لا يعلم نقلا ورواية. وهذا القسم هو الذي يؤثم ويهضم المروءة. الثاني: أن يقول قولا يشبه الكذب. ولا يقصد به إلا الحق ومنه حديث كذب إبراهيم ثلاث كذبات في قوله: إني سقيم. وفي قوله: بل فعله كبيرهم هذا وفي قوله: سارة أختي أي: قال قولا يشبه الكذب. وهو صادق في الثلاث لأن معنى إني سقيم: الموت في عنقي ومن الموت في عنقه سقيم أبدا. وقوله: بل فعله كبيرهم هذا تأويله فعله الكبير إن كانوا ينطقون فهو في الحقيقة لا يفعل كما ينطقون أبدا. وتأويل قوله: سارة أختي هي أختي في ديني لا في نسبي. الثالث: بمعنى الخطأ نحو: أقدر أن فلانا في منزله الساعة فيقال لقائله: صدقت وكذبت. فتأويل صدقت أصبت ومعنى كذبت أخطأت. قال ابن الأثير في النهاية: ومنه حديث صلاة الوتر: كذب أبو محمد أي: أخطأ سماه كذبا لأنه شبيه في كونه ضد الصواب كما أن الكذب ضد الصدق وإن افترقا من حيث النية والقصد لأن الكاذب يعلم أن ما يقوله كذب والمخطئ لا يعلم.
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»