الكذب مستعملا في المستقبل. قال تعالى: ذلك وعد غير مكذوب. ومن المجاز حديث: صدق الله وكذب بطن أخيك. قال صاحب النهاية: استعمل الكذب ها هنا مجازا حيث هو ضد الصدق.
والكذب يختص بالأقوال فجعل بطن أخيه حيث لم ينجع فيه العسل كاذبا لأن الله تعالى قال: فيه شفاء للناس. وقد ألف أبو بكر بن الأنباري رسالة في معاني الكذب قال: الكذب ينقسم على خمسة أقسام: إحداهن: تغيير الحاكي ما يسمع وقوله ما لا يعلم نقلا ورواية. وهذا القسم هو الذي يؤثم ويهضم المروءة. الثاني: أن يقول قولا يشبه الكذب. ولا يقصد به إلا الحق ومنه حديث كذب إبراهيم ثلاث كذبات في قوله: إني سقيم. وفي قوله: بل فعله كبيرهم هذا وفي قوله: سارة أختي أي: قال قولا يشبه الكذب. وهو صادق في الثلاث لأن معنى إني سقيم: الموت في عنقي ومن الموت في عنقه سقيم أبدا. وقوله: بل فعله كبيرهم هذا تأويله فعله الكبير إن كانوا ينطقون فهو في الحقيقة لا يفعل كما ينطقون أبدا. وتأويل قوله: سارة أختي هي أختي في ديني لا في نسبي. الثالث: بمعنى الخطأ نحو: أقدر أن فلانا في منزله الساعة فيقال لقائله: صدقت وكذبت. فتأويل صدقت أصبت ومعنى كذبت أخطأت. قال ابن الأثير في النهاية: ومنه حديث صلاة الوتر: كذب أبو محمد أي: أخطأ سماه كذبا لأنه شبيه في كونه ضد الصواب كما أن الكذب ضد الصدق وإن افترقا من حيث النية والقصد لأن الكاذب يعلم أن ما يقوله كذب والمخطئ لا يعلم.