خزانة الأدب - البغدادي - ج ٥ - الصفحة ٣٥٥
الغوير أبؤسا لا على حد تشبيهه بلعل ولكن على أصل هذا الباب كأنه عداه إلى المضمر على حد ما عداه إلى المظهر الذي هو أبؤس كان وجها.
فأما فاعلها فإنه لا يخلو من أحد أمرين: إما أن يكون قد جرى له ذكر أو لم يجر له ذكر. فإن كان ذكره قد جرى فلا إشكال في إضماره. وإن لم يجر له ذكر فإنما تضمره لدلالة الحال عليه كما ذكر من قولهم: إذا كان غدا فأتنا فكذلك يكون إضمار الفاعل في عسى وتكون على بابها ولا تكون مشبهة بلعل. والأول الذي ذهب إليه كأنه إلى النفس أسبق. انتهى كلام أبي علي.
وقد استشهد لما ذكره الشارح المحقق جماعة منهم الزمخشري في المفصل وابن هشام في أحدهما ما ذكره سيبويه من أن فيه تنوين الترنم. قال: وأما ناس كثير من بني تميم فإنهم يبدلون مكان المدة النون فيما ينون وفيما لا ينون لما لم يريدوا الترنم أبدلوا مكان المدة نونا ولفظوا بتمام البناء وما هو منه كما فعل أهل الحجاز ذلك بحروف المد سمعناهم يقولون للعجاج:) يا أبتا علك أو عساكن ثانيهما: ما ذكره شارح اللباب وغيره من أن في يا أبتا الجمع بين عوضين قال فإن التاء عوض من ياء المتكلم وإنما جاز الألف دون ياء المتكلم لأن التاء عوض من ياء التكلم فيمتنع الجمع بين العوض والمعوض بخلاف الألف فإن غايته أن يذكر عوضان وهو غير ممتنع وليس فيه الجمع بين العوض والمعوض كما زعم العيني وتبعه السيوطي في شواهد المغني.
وقد خطأ أبو محمد الأعرابي الأسود رواية يا أبتا وقال: إنما الرواية تأنيا. وهو من التأني كما يجيء بيانه.
وقد ذكر جميع شراح الشواهد أن ما قبله: الرجز تقول بنتي قد أنى إناكا
(٣٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 350 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 ... » »»