خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٩
وهذا البيت يشهد بانفلات حزيمة وشعر جرير يشهد بأسره وهو قوله: قدنا حزيمة قد علمتم عنوة ويجمع بينهما بأن حزيمة بعد أن نجا من الكلحبة أسره غيره. وضمير منها راجع إلأى فرس الكلحبة. و حزيم بفتح الحاء المهملة وكسر الزاء المعجمة: مرخم حزيمة كما في البيت الآخر. و البلقع: الفقر الخالي. و الإبقاء: ما تبقيه الفرس من العدو إذ من عتاق الخيل ما لا تعطي ما عندها من العدو بل وقوله: فأدرك إبقاء العرادة بفتح العين والراء والدال المهملات: اسم فرس الكلحبة. تبقي منه شيئا إلى وقت الحاجة يريد أنها شربت الماء فقطعها عن غبقائها ففاته حزيمة وظلعها:) فاعل أدرك وإبقاء: مفعوله. والظلع في الإبل بمنزلة العرج اليسير ولا يكون في ذي الحافر إلا يقول: تبعت حزيمة في هربه فلما قربت منه أصاب فرسي عرج فتخلفت عنه ولولا عرجها لما أسره غيري. وجملة وقد جعلتني الخ حالية.
وأخطأ المظفري في شرح المفصل حيث لم يقف على منشأ البيت فزعم أن حزيمة اسم قبيلة وقال في معناه: أدرك الظلع غبقاء هذا الفرس أي: بقاءها وثباتها في السير يعني كانت ثابتة في السير فعرجت في حالة لم يبق بيني وبين قبيلتي إلا قدر إصبع. هذا كلامه وكان السكوت أجمل به لو كان يعقل وقال العيني: كانت فرس الكلحبة مجروحة فقصرت لما قرب من حزيمة ففاته. وهذا لم يقله أحد وإنما اعتذر الكلحبة لعرج فرسه وانفلات حزيمة بقوله:
* ونادى منادي الحي أن قد أتيتم * وقد شربت ماء المزادة أجمعا * يقول: أتى الصريخ وقد شربت فرسي ملء الحوض ماء. وخيل العرب إذا علمت أنه يغار عليها وكانت عطاشا فمنها ما يشرب بعض الشرب وبعضها لا
(٣٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 ... » »»