وقد تقدمت ترجمة الحارث بن حلزة مع شرح أبيات من هذه المعلقة في الشاهد الثامن والأربعين في باب التنازع.
وأنشد بعده وهو الشاهد التاسع والثلاثون بعد المائتين وهو من شواهد س:
* أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة * قليل بها الأصوات إلا بغامها * على أن إلا صفة للأصوات وهي وإن كانت معرفة بلام الجنس فهي شبيهة بالمنكر. ولما كانت إلا الوصفية في صورة الحرف الاستثنائي نقل إعرابها الذي تستحقه إلى ما بعدها فرفع بغامها إنما هو بطريق النقل من إلا إليه. والمعنى: أن صوتا غير بغام الناقة قليل في تلك البلدة وأما بغامها فهو كثير.
قال الشارح المحقق: ويجوز في البيت أن تكون إلا للاستثناء وما بعدها بدلا من الأصوات لن في قليل معنى النفي. والمعنى على هذا: ما في تلك البلدة من جنس الأصوات إلا بغامها بخلاف المعنى الأول فإنه يقتضي أن يكون فيها صوت غير البغام لكنه قليل بالنسبة إلى البغام.
قال: ومذهب سيبويه جواز وقوع إلا صفة مع صحة الاستثناء.
نسب ابن هشام في المغني هذا الجواز إلى جماعات من النحويين ثم قال: وقد يقال إنه مخالف لمثال سيبويه: لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا ولقوله تعالى: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا قال: فلا يجوز في إلا هذه أن تكون للاستثناء من جهة المعنى إذ التقدير حينئذ: لو كان فيهما آلهة ليس فيهم الله لفسدتا وذلك