على الهادي فقال: غنني صوتا، ولك حكمك! فغنيته:
* وإني لتعروني لذكراك هزة * كما انتفض العصفور بلله القطر * فقال: أحسنت والله! وضرب بيده إلى حبيب دراعته فشق منها ذراعا، ثم قال: زدني! فغنيته:
* هجرتك حتى قيل: لا يعرف الهوى * وزرتك حتى قيل: ليس له صبر * فقال: أحسنت. ثم ضرب بيده إلى دراعته فشق منها ذراعا آخر؛ ثم قال: زدني فغنيته:
* فيا حبها زدني جوى كل ليلة * ويا سلوة الأحباب موعدك الحشر * فقال: أحسنت! وشق باقي دراعته من شدة الطرب، ثم رفع رأسه إلي وقال: تمن واحتكم؟ فقلت: أتمنى عين مروان بالمدينة. قال: فرأيته قد دارت عيناه في رأسه، فخلتهما جمرتين؛ ثم قال: يا ابن اللخناء، أتريد أن تشهرني بهذا المجلس، وتجعلني سمرا وحديثا، يقول الناس أطربه فوهبه عين مروان. أما والله لولا بادرة جهلك التي غلبت على صحة عقلك، لألحقتك بمن غبر من أهلك. وأطرق إطراق الأفعوان، فخلت ملك الموت بيني وبينه ينتظر أمره. ثم رفع رأسه وطلب إبراهيم بن ذكوان وقال: يا إبراهيم خذ بيد هذا الجاهل وأدخله بيت المال، فإن أخذ جميع ما فيه فدعه وإياه؟ قال: فدخلت وأخذت من بيت المال خمسين ألف دينار.
و ' أبو صخر الهذلي ' هو عبد الله بن سالم السهمي الهذلي شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأموية. كان متعصبا لبني مروان مواليا لهم، وله في عبد الملك بن مروان وأخيه عبد العزيز مدائح كثيرة. ولما ظهر عبد الله بن الزبير في الحجاز وغلب عليها، بعد موت يزيد بن معاوية، وتشاغل بنو أمية في الحرب بينهم في مرج راهط وغيره دخل عليه أبو صخر الهذلي، ليقبضوا عطاءهم، وكان عارفا بهواه في بني أمية، فمنعه عطاءه؛ فقال: تمنعني حقا لي وأنا امرؤ مسلم ما أحدثت