خزانة الأدب - البغدادي - ج ٣ - الصفحة ٢٥٦
* كأن الثريا علقت في مصامها * بأمراس كتان إلى صم جندل * فقوله: ' وليل '، الواو واو رب. و ' السدول ': التسور، جمع سدل؛ وسدل ثوبه: إذا أرخاه. يقول: رب ليل يحاكي أمواج البحر في توحشه وهوله، وقد أرخى علي ستور ظلامه مع أنواع الحزن ليختبرني: أأصبر أم أجزع! وهذا، بعد أن تغزل، تمدح بالصبر والجلد.
وقوله: ' فقلت له لما تمطى الخ '، ' تمطى ': امتد. و ' ناء ': نهض. و ' الكلكل ': الصدر. و ' الإعجاز ': الأواخر، جمع عجز،؛ وهو من استعمال الجمع موضع الواحد. وقد استشهد ابن مالك بهذا البيت على أن الواو لا تدل على الترتيب، لأن البعير ينهض بكلكله، والأصل: فقلت له لما بكلكله وتمطى بصلبه وأردف أعجازه.
وقوله ' ألا أيها الليل الطويل الخ '، ' أنجلي ': أمر بمعنى انكشف؛ والياء إشباع. و ' الإصباح ': الصباح. و ' الأمثل ': الأفضل. وأورد هذا البيت في ' تلخيص المفتاح ' على أن صيغة الأمر فيه للتمني. ومعناه تمنى زوال ظلام الليل بضياء الصبح؛ ثم قال: وليس الصباح بأفضل منك عندي، لاستوائهما في مقاساة الهموم، أو لأن نهاره يظلم في عينه لتوارد الهموم. فليس الغرض طلب الانجلاء من الليل لأنه لا يقدر عليه، لكنه يتمناه تخلصا مما يعرض له في، ولاستطالة تلك الليلة كأنه لا يرتقب انجلاءها ولا يتوقعه. فلهذا حمل على التمني دون الترجي.
قال الإمام الباقلاني، في ' إعجاز القرآن ': ' ومما يعدونه من محاسن هذه القصيدة هذه الأبيات الثلاثة، وكان بعضهم يعارضها بقول النابغة: (الطويل) * كليني لهم يا أميمة ناصب * وليل أقاسيه بطيء الكواكب *
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»