في الإسلام حدثا ولا أخرجت من طاعة يدا! قال: عليك ببني أمية، اطلب منهم عطاءك! قال: إذا أجدهم سبطة أكفهم، سمحة أنفسهم، بذلا لأموالهم، وهابين لمجتديهم، كريمة أعراقهم، شريفة أصولهم، زاكية فروعهم، قريبا من رسول الله نسبهم وسببهم [ليسوا بأذناب، ولا وشائظ ولا أتباع، ولا هم في قريش كفقعة القاع]؛ لهم السودد في الجاهلية والملك في الإسلام، لا كمن لا يعد في عيرها ولا نفيرها، ولا حكم آباؤه في نقيرها وقطميرها، ليس من أحلافهم المطيبين؛ ولا من ساداتها المطعمين؛ ولا من هاشمها المنتخبين، ولا عبد شمسها المسودين؟! وكيف تقاس الأرؤس بالأذناب وأين النصل من الجفن، وأين السنان من الزج والذنابي من القدامى؟! وكيف يفضل الشحيح على الجواد، والسوقة على الملوك، والجامع بخلا على المطعم فضلا؟! فغضب بن الزبير حتى ارتعدت فرائصه، وعرق جبينه، واهتز من قرنه إلى قدمه وامتقع لونه؛ ثم قال له: يا ابن البوالة على عقبيها، يا جلف يا جاهل، أما والله لولا الحرمات الثلاث: كرمة الإسلام، وحرمة الشهر الحرام، وحرمة الحرم، لأخذت الذي فيه عيناك! ثم أمر به إلى سجن عارم، فحبس فيه مدة، ثم استوهبته هذيل ومن له في قريش خؤولة، فأطلقه بعد سنة، وأقسم أن لا يعطيه عطاء مع المسلمين أبدا.
فلما كان عام الجماعة وولي عبد الملك بن مروان وحج، لقيه أبو صخر، فقربه وأدناه وقال له: لم يخف علي خبرك مع الملحد، ولا ضاع لدي هواك