خزانة الأدب - البغدادي - ج ١ - الصفحة ٣٥٨
قال أبو إسحاق إذا تأملت الأمثلة من كتاب سيبويه تبينت أنه أعلم الناس باللغة قال أبو جعفر النحاس وحدثنا علي بن سليمان قال حدثنا محمد بن يزيد أن المفتشين من أهل العربية ومن له المعرفة باللغة تتبعوا على سيبويه الأمثلة فلم يجدوه ترك من كلام العرب إلا ثلاثة أمثلة منها الهندلع وهي بقلة والدرداقس وهو عظم في القفا وشنمصير وهو اسم أرض وقد فسر * (الأصمعي حروفا من اللغة التي في كتابه وفسر الجرمي الأبنية وفسرها أبو حاتم وأحمد بن يحيى وكل واحد منهم يقول ما عنده فيما يعلمه ويقف عما لا علم له به ولا يطعن على ما لا يعرفه ويعترف لسيبويه في اللغة بالثقة وأنه علم ما لم يعلموا وروى ما لم يرووا قال أبو جعفر لم يزل أهل العربية يفضلون كتاب سيبويه حتى لقد قال محمد بن يزيد لم يعمل كتاب في علم من العلوم مثل كتاب سيبويه وذلك أن الكتب المصنفة في العلوم مضطرة إلى غيرها وكتاب سيبويه لا يحتاج من فهمه إلى غيره وقال أبو جعفر سمعت أبا بكر بن شقير يقول حدثني أبو جعفر الطبري قال سمعت الجرمي يقول هذا وأومأ بيديه إلى أذنية وذلك أن أبا عمر الجرمي كان صاحب حديث فلما علم كتاب سيبويه تفقه في الحديث إذ كان كتاب سيبويه يتعلم منه النظر والتفتيش قال أبو جعفر وقد حكى بعض النحويين أن الكسائي قرأ على الأخفش كتاب سيبويه ودفع إليه مائتي دينار وحكى أحمد بن جعفر أن كتاب سيبويه وجد بعضه تحت وسادة الفراء التي كان يجلس عليها وكان المبرد يقول إذا أراد مريد أن يقرأ عليه كتاب سيبويه هل ركبت البحر تعظيما لما فيه واستصعابا لألفاظه ومعانيه وقال المازني من أراد أن يعمل كتابا كبيرا في النحو بعد كتاب سيبويه فليستحي مما أقدم عليه وقال أيضا ما أخلو في كل زمن من أعجوبة في كتاب
(٣٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 363 ... » »»