ونكح زيد نعمة بنت ثعلبة العدوية فولدت له عديا وولد للمرزبان وسماه شاهان مرد فلما أيفع عدي أرسله المرزبان مع ابنه إلى كتاب الفارسية وتعلم الكتابة والكلام بالفارسية حتى خرج من أفهم الناس بها وأفصحهم بالعربية وقال الشعر وتعلم الرمي بالنشاب فخرج من الأساورة الرماة وتعلم لعب العجم على الخيل بالصوالجة وغيرها ثم إن المرزبان لما اجتمع بكسرى قال له إن عندي غلاما من العرب هو أفصح الناس وأكتبهم بالعربية والفارسية والملك يحتاج إلى مثله فأحضر المرزبان عدي بن زيد وكان جميل الوجه فائق الحسن وكانت الفرس تتبرك بالجميل الوجه فرغب فيه فكان عدي أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى فرغب أهل الحيرة إلى عدي ورهبوه ولم يزل بالمدائن في ديوان كسرى معظما وأبوه زيد كان حيا إلا أن صيته قد حمل بذكر ابنه عدي ثم لما هلك المنذر اجتهد عدي عند كسرى حتى ملك النعمان بن المنذر الحيرة ثم بعد مدة افتروا على عدي وقالوا للنعمان إن عديا يزعم أنك عامله على الحيرة فاغتاظ منه النعمان وأرسل إلى عدي بأنه مشتاق إليه يستزيره فلما أتى إليه حبسه وبقي في الحبس إلى أن جاء رسول كسرى ليخرجه فخاف النعمان من خلاصة فغمة حتى مات وندم النعمان على قتله وعرف أنه غلب على رأيه ثم إنه خرج يوما إلى الصيد فلقي ابنا لعدي يقال له زيد فلما رآه عرف شبهه فقال له من أنت قال أنا زيد بن عدي فكلمه فإذا هو غلام ظريف ففرح به فرحا شديدا فقربه واعتذر إليه من أمر أبيه ثم كتب إلى كسرى يربيه ويشفع له مكان أبيه فولاه كسرى وكان يلي الكتابة عنده إلى ملوك العرب وفي خواص أمور الملك وكانت لملوك العجم صفة النساء مكتوبة عندهم وكانوا يبعثون في تلك الأرضين تلك الصفة فإذا وجدت حملت إلى الملك غير أنهم لم يكونوا يطلبونها في أرض العرب
(٣٦٩)