تعطير الأنام في تعبير المنام - الشيخ عبد الغني النابلسي - ج ١ - الصفحة ٩
أن تعلم من أي صنف تلك الشجرة وذلك السبع والطير فان كانت الشجرة نخلة كان ذلك الرجل من العرب لان منابت أكثر النخل بلاد العرب وإن كان الطائر طاوسا كان رجلا من العجم وإن كان ظليما كان بدويا من العرب. والطبع أن تنظر ما طبع تلك الشجرة فتقضى على الرجال بطبعها فان كانت جوزا قضيت على الرجل بالعسر في المعاملة والخصومة عند المناظرة وإن كانت نخلة قضيت بأنه رجل نفاع بالخير وإن كان طائرا علمت أنه رجل ذو أسفار ثم نظرت في طبعه فإن كان طاوسا كان ملكا أعجميا ذا جمال ومال وكذلك إن كان نسرا كان ملكا وإن كان غرابا كان رجلا فاسقا غادرا كذابا، وللمعبرين طرق كثيرة في استخراج التأويل وذلك غير محصور بل هو قابل للزيادة باعتبار معرفة المعبر وكمال حذقه وديانته والفتح عليه بهذا العلم والله يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم باب الألف الله تعالى: الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير رؤيته في المنام تختلف باختلاف السرائر فمن رآه بعظمته وجلاله بلا تكييف ولا تشبيه ولا تمثيل كان دليلا على الخير وهي بشارة له في دنياه وسلامة دينه في عقباه وإن رآه على خلاف ذلك كانت رؤياه دالة على سوء سريرته خصوصا أن لا يكلمه تعالى ومن رآه من المرضى مات لأنه الحق والموت حق وإن رآه ضال اهتدى لرؤيته الحق وإن رآه مظلوم انتصر على أعدائه. وأما سماع كلامه تعالى من غير تشبيه فإنه يدل على بدعة الرائي وربما دل سماع كلامه على الامن من الخوف وبلوغ المنى وربما دل كلامه تعالى من غير رؤية على رفع المنزلة خصوصا إن كان قد أوحى إليه وإن كان من وراء حجاب ربما كان على بدعة وضلالة وربما نال منزلة على قدره خصوصا إن أتاه رسول وقيل إن من رأى الله تعالى في صورة يصفها ويحدها فان رؤياه من الأضغاث لان الله تعالى لا يحد ولا يشبه بشئ من المخلوقات، وقيل من رأى الله تعالى مصورا في مكان فان الرائي ممن يكذب على الله تعالى أو ينسب إليه ما لا يليق به ومن رأى أن الله تعالى يكلمه واستطاع النظر إليه
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 ... » »»
الفهرست