فإذا نام الانسان امتد روحه مثل السراج أو الشمس فيرى بنور الله تعالى وضيائه ما يريه ملك الرؤيا وذهابه رجوعه إلى النفس مثل الشمس إذا غطاها السحاب وانكشف عنها فإذا عادت الحواس باستيقاظها إلى أفعالها ذكر الروح ما أراه ملك الرؤيا وخيل له. وقال بعضهم: إن الحس الروحاني أشرف من الحس الجسماني لان الروحاني دال على ما هول كائن والجسماني دال على ما هو موجود واعلم أن تربة كل بلد تخالف غيرها من البلاد لاختلاف الماء والهواء والمكان فلذلك يختلف تأويل كل طائفة من المعبرين من أهل الكفر والإسلام لاختلاف الطبائع والبلدان كالذي يرى في بلاد الحر ثلجا أو جليدا أو بردا فإنه يدل على الغلاء والقحط ثم إن رأى هذا الرائي في بلد من بلاد البرد فان ذلك لهم خصب وسعة والطين والوحل لأهل الهند مال ولغيرهم محنة وبلية كما أن الضرطة عندهم بشارة وسرور ولغيرهم كلام قبيح والسمك في بعض البلاد عقوبة وفي بعضها من واحد إلى أربعة تزويج ولليهود مصيبة.
واعلم أن الانسان قد يرى الشئ لنفسه وقد يراه لنفسه وهو لغيره من أهله وأقاربه أو شقيقه أو والده أو شبيهه وسميه أو صاحب صنعته أو بلدته أو زوجته أو مملوكه كأبى جهل بن هشام رأى في المنام أنه دخل في دين الاسلام وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان ذلك لابنه وأن أم الفضل أتت النبي صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله رأيت أمرا فظيعا فقال عليه السلام خيرا رأيت فقالت يا رسول الله رأيت بضعة من جسدك قد قطعت ووضعت في حجري فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم متبسما ستلد فاطمة غلاما وتأخذيه في حجرك فأتت فاطمة رضي الله عنها من ابن عمها بالحسن رضي الله عنهم وأخذته أم الفضل في حجرها. ومن أراد أن تصدق رؤياه فليحدث الصدق ويحذر الكذب والغيبة والنميمة فإن كان صاحب الرؤيا كذابا ويكره الكذب من غيره صدقت رؤياه وإن كذب ولم يكره الكذب من غيره لم تصدق رؤياه ويستحب للرجل أن ينام على الوضوء لتكون رؤياه صالحة والرجل إذا كان غير عفيف يرى الرؤيا ولا يذكر شيئا منها لضعف نيته وكثرة ذنوبه ومعاصيه وغيبته ونميمته.