ولم ير شيئا وقال بعضهم إن الكاذب في رؤياه مدعى النبوة كاذبا لأنه ورد في الحديث كما قدمناه أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة ومدعى الجزء كمدعى الكل.
وقال بعض العلماء: ينبغي أن يعبر الرؤيا المسؤول عنها على مقادير الناس ومراتبهم ومذاهبهم وأديانهم وأوقاتهم وبلدانهم وأزمنتهم وفصول سنتهم والتعبير يكون بالمعنى وباشتقاق الأسماء والميت في دار الحق فما قاله في المنام حق وكذلك الطفل الذي لا يعرف الكذب وكذلك الدواب وسائر الحيوانات والطيور إذا تكلمت في المنام فقولها حق وكلام الكذاب في اليقظة كالمنجم والكاهن فكذلك قوله في المنام كذب وكلام ما لا يتكلم كالجمادات آية وأعجوبة وقد يقع التعبير بالمثل السائر واللفظ المبتذل كقولهم في الصائغ إنه رجل كذوب لما جرى على ألسنة الناس من قولهم فلان يصوغ الأحاديث وكقولهم فيمن يرى أن في يديه طولا إنه يصطنع المعروف لما جرى على ألسنة الناس من قولهم هو أطول يدا منك وأمد باعا أي أكثر عطاء وقد يكون التأويل بالضد والمقلوب كقولهم في البكاء إنه فرح وفي الضحك إنه حزن وفي الطاعون إنه حرب وفي الحرب إنه طاعون وفي السيل إنه عدو وفي العدو إنه سيل وفي أكل التين إنه ندامة وفي الندامة إنها أكل تين وفى الجراد إنه جند وفي الجند إنه جراد.
وأولى ما يكون التعبير بالقرآن والسنة إن وجد المعبر فيهما شاهدا للرؤيا كمن يرى نفسه في السفينة فالسفينة نجاة من الخوف قال تعالى فأنجيناه وأصحاب السفينة وكمن يرى في منامه أنه وقع في بئر فإنه يمكر به لقوله عليه السلام (البئر جبار) وقد يكون التعبير بالشعر كمن يرى غنما ترعى فأتى الذئب عليها ففرقها وقتل بعضها فان ذلك يدل على أن سلطان تلك الناحية يضيع رعيته حتى يتولى أمرهم عدوه لقول بعض الشعراء:
ومن رعى غنما في أرض مأسدة * ونام عنها تولى رعيها الأسد واعلم أن أصل الرؤيا جنس وصنف وطبع فالجنس كالشجر والسباع والطير وهذه رجال. والصنف