المحرمات المذكورات بقوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) إلى آخر الآية، والمراد بالمحصنات هنا ذوات الأزواج، قال ابن عباس وأبو قلابة وابن زيد ومكحول والزهري وأبو سعيد الخدري: المراد بالمحصنات هنا المسبيات ذوات الأزواج خاصة، أي هن محرمات إلا ما ملكت اليمين بالسبي من أرض الحرب، فان تلك حلال للذي تقع في سهمه وإن كان لها زوج، وهو قول الشافعي في أن السبا يقطع العصمة، وقاله ابن وهب وابن عبد الحكم وروياه عن المالك، وقال به أشهب، يدل عليه ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري:
أن رسول الله صلى الله عليه وآله يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس فقاتلوهم وظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا، فكان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فنزلت هذه الآية المذكورة، أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن.
وهذا نص صريح في أن الآية نزلت بسبب تحرج أصحاب النبي من وطئ المسبيات ذوات الأزواج، فأنزل الله في جوابهم (إلا ما ملكت أيمانكم) وبه قال مالك وأبو حنيفة - يلاحظ أنه ينسب لأبي حنيفة ما سبق أن ذكر السيوري بان لأبي حنيفة رأيا بعدم إباحة السبا للوطئ - وأصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وهو الصحيح إن شاء الله تعالى.
واختلفوا في استبرائها بماذا يكون يكون فقال الحسن: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستبرؤون بحيضة، وقد روي ذلك من حديث أبي سعيد الخدري في سبايا أو طاس: " لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض " ولم يجعل لفراش الزوج السابق