الرد حينئذ وينتقل النزاع إلى اللفظ دون المضمون فيقال: هل يستبدل لفظ زوجت - مثلا - بلفظ آجرت أم لا؟.
والذي يعضد هذا الاستنتاج أن ما ينسب لأبي حنيفة من جواز استئجار المراة للزنا، وأنه إذا استؤجرت فلا يعتبر ذلك زنى، وبالتالي فلا حد: أعتقد أن منشأه ذلك، وهو الاستظهار من لفظ (فاتوهن أجور هن) بان ذلك يفيد نكاحا مشروعا بالاجرة، ينتهي بانتهاء مدة الإجارة، والا فلا يعقل أن هناك طالبا مبتدءا من طلاب العلم يجهل أن الزني محرم، وأن الزانية غالبا تأخذ عوض بضعها ولا يعتبر ذلك مهرا ولا العمل حلالا، فكيف بشخص كابي حنيفة الذي لا يتصور أن يجهل ذلك كما توحي به عبارة ابن حزم في (المحلى) التي أسلفناها والتي يقول فيها: إن أبا حنيفة لم ير الزنا الا ما كان مطارقة، أما ما كان فيه عطاء واستئجار فليس زنا ولا حد فيه، وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن وأبو ثور وأصحابنا وسائر الناس هو زنا كله وفيه الحد (1).
وعلى هذا يتوجه رأي الكرخي ورد أبي بكر الرازي عليه. ولو صح هذا الاستظهار فهو رأي صريح بالمتعة، ولنفس هذا الاستظهار ذهب الجصاص في (أحكام القرآن) عند تفسيره للآية (فاتوهن أجورهن).
ويؤيد ذلك أي تسمية هذا الرأي الذي هو متعة في الواقع بالزنا:
هو ما داب عليه القوم بتسمية المتعة تارة بالزنا، واخرى بالسفاح كما أسلفنا شيئا من ذلك، وكما يفهم من جواب ابن عمر لمن سأله عن المتعة فقال: فعلناها أيام رسول الله وما كنا مسافحين. ولعل أكثر تلك الأقوال تفاهة قول النحاس: هي زنا لم تبح قط في الاسلام، وحين استنتج القوم من رأي أبي حنيفة جواز الزواج بالإجارة، أي بالمتعة التي