الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٩٠
كرم الله وجهه على فراش رسول الله (ص) ليفتديه بنفسه أوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل (ع) إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة وأحباها فأوحى الله عز وجل إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين نبيي محمد (ص) فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجله وجبرئيل يقول: بخ بخ لك من مثلك؟ والله تعالى يباهي بك الملائكة فانزل الله تعالى: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد ([البقرة / 208] (1).
ومن المعلوم ان الإيثار بالنفس في سبيل الله تعالى وإطاعته وابتغاء مرضاته هو منتهى كمالها وبلوغ غاية السخاء الذي ليس بعده سخاء.
سخاء أهل البيت " يعم حتى أعداءهم كما لم يقتصر علي وأهل بيته " في سخائهم على أحبائهم ومواليهم بل يعم حتى أعداءهم ومناوئيهم وهذا علي كان يكرم عدوه الألد وقاتله عبد الرحمن بن ملجم المرادي ويؤثره في الإعطاء على غيره مع علمه المحتم انه قاتله لا محالة، وقد اخبر مرارا عديدة بأنه سيقتله حتى قيل:
إلى من جزاه بالإساءة والغدر.
فكم أبد معروفا وما زال محسنا.

(1) راجع (إحياء العلوم) للغزالي ج 3 ص 177، و (ثمرات الأوراق) لتقي الدين المطبوع بحاشية المستطرف ج 2 ص 17.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 298 299 300 301 ... » »»