فإن الدين السماوي هو الذي جاء لإسعاد هذا الخلق كي يعيشوا بسلام وهناء ما داموا يعملون بقوانينه ويتبعون سبل تعاليمه وإرشاداته، أما إذا تركوا العمل به فلا يكون لهم شفاء ولا تكون لهم سعادة كالمرض في الجسم والدواء في الصيدلية والطبيب في العيادة، ولكن المريض لا يرجع إلى الطبيب ولا يستعمل الدواء فإن مرضه سوف يزداد عليه حتى يهلكه أخيرا.
ومعلوم أنه لا طبيب أدرى بأدواء النفوس من بارئ النفوس ولا حكيم أعلم بأسقام الأرواح من الدين الحنيف ولا عالم أعرف بطرق علاجها وأسباب شفائها من الشارع المقدس، إذا للدين أثره الفعال في تطبيب الأرواح والنفوس وإن له لمعاجز باهرة في إصلاحها تفوق معاجز الطب الفنية الحديثة في مداواة الأجسام.
فلقد جاء الدين الإسلامي الحنيف - الذي هو خير الأديان - آمرا بعامة العقائد الحقة بدلائلها والعبادات الصحيحة ببراهينها والأخلاق الفاضلة بتفاصيلها حفظا لصحة النفوس البشرية وسعادتها وناهيا عن كافة العقائد الباطلة والعبادات الفاسدة والأخلاق الذميمة وقاية لأرواحهم من شرورها وشقائها.
تكفل الدين بصلاح البشر روحا وجسما دنيا وآخرة وكما تكفل الدين بصلاح البشر من ناحية الروح كذلك تكفل بهم من ناحية الجسم كما سيتضح لك ذلك خلال البحوث الآتية في الآية الكريمة، فكانت في الدين حياة البشر وسعادته وتقدمه ورقيه من الناحيتين الروحية