الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٩
الأقل - لأمراض روحه كما يهتم لأمراض جسمه، وإلى ذلك يشير الشاعر المعروف بأبي الفتح البستي حيث يقول مخاطبا الإنسان:
أتطلب الربح مما فيه خسران فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان (1).
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته أقبل على النفس واستكمل فضائلها.
وعلى كل الروح تمرض كما يمرض الجسم ويحتاج كل منهما إلى العلاج ولو أهمل الإنسان أمراض جسمه ولم يعالجها لعرضه ذلك الإهمال إلى الموت. وكذلك لو أهمل نفسه ولم يعالجها عند مرضها لعرضها أيضا إلى الموت لأن النفس تموت كما يموت الجسم.
معنى موت الجسم والروح وقد أبان لنا إمام الحكماء علي أمير المؤمنين (ع) معنى موت الجسم وموت الروح حيث قال (ع) في بعض كلماته القصار: الروح حياة البدن والعقل حياة الروح.
كلمة خفيفة على اللسان ثقيلة في الميزان، أو قل: صغيرة في ألفاظها كبيرة في معانيها: الروح حياة البدن، أي أن البدن يبصر بعينين ويسمع بأذنين وينطق بلسان ويشم بأنف ويحس بسائر جوارحه ويعقل بجنانه، كل ذلك ما دامت الروح فيه فإذا خرجت منه الروح مات فلا يبصر كما كان يبصر ولا يسمع كما كان يسمع، وهكذا بطلت جميع حواسه الخمسة بل لا يحتاج إلى كل ما كان يحتاج إليه من طعام وشراب وغيرهما.

(1) بيتان من قصيدة من غرر الشعر في الحكمة تناهز الخمسين بيتا لشاعرها البستي تجدها مشروحة في كتاب (هداية المرشدين) للشيخ علي محفوظ (ط / 5) ص 150.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»