الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ٢٧
وفي ذكره نفس الأوثان دون عبادتها والتوجه إليها والتقرب بها مع أن الاجتناب إنما يتعلق - على الحقيقة - بالأعمال دون الأعيان لأجل المبالغة من اجتناب عبادتها والإخلاص بالعبادة لله وحده لا شريك له وهذا مما يدل دلالة واضحة على أن (من) ههنا بيانية جنسية لا تبعيضية، كما أن من المعلوم أن الله لا يأمر باجتناب بعض الأوثان - أي عبادتها - دون بعضها الآخر بل يأمر باجتناب كافة الأوثان بكل أنواعها، ثم قال: (واجتنبوا قول الزور (وهو قول الباطل بكل أنواعه.
ومن الأمثلة القرآنية أيضا ل‍ (من) الجنسية قوله تعالى: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ([البقرة / 186] فإن لفظة (من) ههنا أيضا جنسية بيانية تبين لنا أن القرآن كله بينات من جنس الهدى والفرقان، لا أن القرآن بعضه فيه بينات من الهدى وبعضه لا بينات فيه ولا هدى بل كله بينات للهدى والفرقان الذي يفرق فيه بين الحق والباطل، وهكذا قوله تعالى في الآية المبحوث عنها (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين (فمن هنا جنسية بيانية تبين لنا أن القرآن كله شفاء وجميعه رحمة للمؤمنين لا أن بعضه يكون شفاء ورحمة وبعضه لا يكون.
آيتان أخريان تذكران أن في القرآن الشفاء وهناك آيتان أخريان تذكران أن القرآن قد جعله الله شفاء، فالأولى في سورة فصلت وهي صريحة في أن القرآن هدى وشفاء للمؤمنين وهي قوله تعالى: (ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»