الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١١٦
وإنما قلنا خصوصا في هذا الزمان لأن زماننا هذا الغالب عليه الظلم والجور وهنا قد يحسن سوء الظن بمن لا نعلم ايمانه، وقد ورد عن الإمام علي الهادي (ع) أنه قال: إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور فحرام - على أحد - ان يظن بأحد سوءا حتى يعلم ذلك منه، وإذا كان زمان الجور فيه أغلب من العدل فليس لأحد ان يظن بأحد خيرا ما لم يعلم ذلك منه (1).
وإلى الظن المحمود في المؤمنين الذين تعلم ايمانهم تشير هذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا ([النور / 13]، ولكن قل من يظن بإخوانه المؤمنين خيرا بل الغالب على الناس أنهم يسيئون الظن بالمؤمنين، وهو ظن مذموم وهو الذي أمرنا الله باجتنابه وأخبرنا بأن هذا القسم من الظن إثم.
وإنما كان الظن السيء في المؤمنين إثم من حيث ما يترتب من آثاره السيئة كإهانة المظنون به أو قذفه بالسوء وبسائر الفواحش المحرمة ولذلك يكون إثما وإلا فمجرد الظن السيء دون ترتب أثر سئ عليه لم يكن فيه إثم بل قد يكون من حسن الفطن، والإثم محرم بصريح القرآن في قوله تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم ([الأعراف / 34].
والخلاصة ان الظن الذي تترتب عليه آثار سيئة بالمظنون به هو الذي أمرنا الله باجتنابه وهو الذي فيه الإثم المحرم بقوله تعالى: (اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم (.

(1) البحار ج 78 ص 370 نقلا عن كتاب (إعلام الدين) مخطوط.
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 129 ... » »»