الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١١٣
قال تعالى: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ([النساء / 52]، فأشار إلى الطاغوت ب‍ (هؤلاء) وهو ضمير الجمع المذكر، والمعنى هنا هو ان (الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) وهم أهل الأديان المخالفون لدينهم وكتابهم كاليهود والنصارى وغيرهما تراهم يؤمنون برؤساء الكفر ويقولون للآخرين من الكافرين: ان هؤلاء الرؤساء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ويقصدون بالذين آمنوا رؤساء المؤمنين المحقين الذين نصبهم الله حججا على خلقه.
وقال تعالى: (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها ([الزمر / 18] بصيغة الجمع المؤنث، وقد ذكرت لفظة (الطاغوت) في القرآن ثمان مرات (1).
والظاهر لنا ان المراد من الطاغوت أولا وبالذات هم رؤساء الكفر والضلال وأئمة الجور والباطل الذين يحكمون بغير حكم الله وبما يخالف أمر الله وهم موجودون في كل أمة، فالله يأمرنا ان نعبده وحده لا شريك له أي نخضع له ونطيعه ولا نخضع للطواغيت من رؤساء الكفر وأئمة الضلال والجور فيما يخالف أمر الله إذ كما جاء في الحديث الشهير: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وهذا الحديث متفق عليه عند جميع المسلمين كما هو معلوم، فيلزمنا إذن ان لا نطيع المخالفين لأوامر الله فيما خالفوه به إلا في حالات ورد بها النص في الكتاب والسنة كالتقية التي شرعها الله لعباده المؤمنين بقوله تعالى: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين

(1) راجع المرشد ص 347.
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»