الشفاء الروحي - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١١٥
وانها من عمل الشيطان العدو للإنسان، ثم يأمرنا باجتنابها لعلنا نحصل على الفلاح وهو الأجر والثواب بعد النجاة من العقاب دنيا وآخرة، ومن هنا يظهر لنا جليا حرمة الخمر والميسر ذلك لأن الله قرنهما مع الأنصاب وهي الأوثان والأزلام، ولذلك قال رسول الله (ص): " شارب الخمر كعابد الوثن " (1).
تقسيم الظن إلى محمود ومذموم والآية الرابعة التي ذكرت كلمة (اجتنبوا) هي التي نحن بصدد ذكر ما تشتمل عليه من البحوث وهي قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم (وإنما قال: (اجتنبوا كثيرا من الظن (ولم يقل: " اجتنبوا الظن لأن الظن على قسمين: ظن محمود وظن مذموم، والظن المحمود هو ان تظن بالمؤمنين خيرا وهذا هو المطلوب من المؤمنين تجاه المؤمنين الآخرين في الشريعة الإسلامية ان يحسن الظن في أخيه وفي سائر إخوانه المسلمين ولا يسيء لهم في شئ يجد له تأويلا حسنا أو محملا جميلا، وقد روي: أحمل أخاك على سبعين محملا.
نعم هناك أناس فسقة متجاهرون بالفسق والفجور خصوصا في هذا الزمان لا مجال لحمل أعمالهم وأقوالهم على الصحة وان ادعوا الإيمان أو ادعوا حسن تصرفاتهم أو ادعوا انهم صادقون، ولكنك ترى منهم عدم الصدق والوفاء به وفي أمثال هؤلاء يقول بعض الأدباء:
فلم يبق منها محمل ما تكسرا.
حملتكم فوق المحامل كلها.

(1) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي وفيه سند الحديث، وراجع كتابنا (القبس) الفصل الخامس، تحليل الطيبات، وتحريم الخبائث في خصوص ما كتبنا عن الخمر ومضاره من ص 211 إلى ص 235.
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»