الأسرة وقضايا الزواج - الدكتور علي القائمي - الصفحة ٦٤
الفصل السادس تعيين الحدود الحرية من نعم الله الكبرى التي تنشدها الإنسانية في تاريخها الطويل.. الحرية هي تلك الكلمة التي تطفح بالمعاني الجميلة والأحلام، وتلك الأمنية التي من أجلها تثور الشعوب وتقدم - من أجل تحقيقها - الغالي والنفيس.
للحرية جذورها في أعماق الإنسان بل وحتى الحيوان، فالطائر السجين في القفص يضرب بجناحيه القضبان هنا وهناك بحثا عن نافذة أو كوة يمكنه من خلالها الخلاص من الأسر والعودة إلى دنيا الحرية. وما أكثر الطيور التي ماتت في أقفاصها حزنا وكمدا.
أما الإنسان فهو أكثر تعلقا بالحرية وتشبثا بها من كل المخلوقات، فهو دائم السعي للحفاظ عليها وصيانتها، حتى إذا شاهد يوما عائقا يقف في طريقه حاول إزالته وإزاحته جانبا لكي يستأنف تقدمه نحو الهدف المنشود.
الحياة العائلية والحدود:
لا ريب في أن يتزوج ويدخل عالم الحياة المشتركة مع إنسان آخر، هو بحد ذاته نوع من التقيد ببعض الحدود والضوابط التي تستدعي منه مراعاتها. وعليه يفقد المرء جزءا من حريته لصالح الطرف الآخر الذي يشاركه حياته، وإذن فإن حرية المتزوج تنتهي عندما يبدأ حق الآخرين، فهناك ما يقيدها ويجعلها في إطار محدود خدمة للصالح العام - إذا صح
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»