وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٣٢
وسؤال موسى عليه السلام ربه - جل وعلا - أن يشرك هارون في أمره، أي في أمر يخص موسى، وهو تبليغ ما بلغه من ربه، فهذا هو الأمر الذي يخصه، وسأل ربه أن لا يشاركه فيه أحد سوى هارون، وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: (واجعل لي وزيرا من أهلي... الآية): " وهذا أيضا سؤال من موسى عليه السلام في أمر خارجي عنه، وهو مساعدة أخيه هارون له، وقوله: (اشدد به أزري)، أي: ظهري، وقوله: (وأشركه في أمري)، أي:
في مشاورتي " (1).
هذا ما يتعلق بوزارة هارون ومساعدته موسى في تبليغ الدين أو شئ من أجزائه، وموسى عليه السلام سأل ربه ذلك، لأن الأمر كثير الجوانب، متباعد الأطراف، فهو كان يخاف التكذيب مع ما معه من ضيق الصدر وعدم انطلاق اللسان، وكان على علم بفرعون وقومه وما هم عليه من الشوكة والقوة، وكان على علم بالانحطاط الفكري وبجهل بني إسرائيل وضعفهم، لهذا سأل ربه بعض الأمور التي كان يحتاجها في رسالته لا في نبوته، ومنها طلب الوزير، أما في ما يتعلق بخلافة هارون لموسى عليه السلام في قومه، فجاء في قوله تعالى: (وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) [الأعراف: 142]، قال ابن كثير: " استخلف موسى على بني إسرائيل أخاه هارون، ووصاه بالإصلاح وعدم الافساد، وهذا تنبيه وتذكير، وإلا فهارون عليه السلام نبي شريف كريم على الله، له وجاهه وجلاله صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء " (2)، والاستخلاف لا يكون إلا في غيبة، وكانت غيبة موسى عن بني إسرائيل حين كان يفارقهم للميقات، وقوله لأخيه: (ولا تتبع سبيل المفسدين)، فيه أنه كان في قومه يومئذ جمع من المفسدين يفسدون ويقلبون عليه الأمور، ويتربصون به الدوائر، فنهى موسى .

(١) تفسير ابن كثير: ٣ / 147.
(2) المصدر نفسه: 2 / 243.
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست