وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٢٨
من الدمع مما عرفوا من الحق، قال تعالى: (لتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون، وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين، وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين) [المائدة: 82 - 84]، فهذا الصنف من النصارى كان أول ظهوره بالحبشة كالنجاشي وأصحابه، وهم المذكورون في قوله تعالى: (وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم وما أنزل إليهم خاشعين لله) [آل عمران: 199]، وهم الذين قال الله فيهم: (الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون، وإذا تتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين) [القصص: 52 - 53]، ومنذ أيام النجاشي وعلى امتداد المسيرة الإسلامية، لم تغلق الدعوة أبوابها في وجوه الذين يريدون الاستبصار في الدين، لأن الله - تعالى - أمر رسوله الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو الخلق إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ليحذروا بأس الله تعالى، وأمره - تعالى - أن من احتاج من الناس إلى مناظرة وجدال، فليكن بالأسلوب الحسن برفق ولين وحسن خطاب.
فمن هذه النصوص ومن غيرها نعلم أن الدعوة الإلهية الخاتمة حذرت من اتباع أي مشروع تقدمه الطوائف أو الفرق التي تهدف من وراء برامجها الصد عن سبيل الله، وفي الوقت نفسه فتحت الدعوة أبوابها للباحثين عن الحقيقة من أهل الكتاب لتقيم الحجة عليهم وعلى غيرهم في كل مكان وزمان..
(٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست