وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٤٣
ومن أحاديث الذروة، ما روي عن جابر، قال: " لما سأل أهل قباء النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يبني لهم مسجدا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ليقم بعضكم فيركب الناقة، فقام أبو بكر فركبها، فلم تنبعث فرجع فقعد، فقام عمر فركبها فحركها فلم تنبعث فرجع فقعد، فقام علي، فلما وضع رجله في غرز الركاب وثبت به، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي ارخ زمامها، وابنوا على مدارها فإنها مأمورة " (1).
وعلى ضوء ما ذكرنا من الأحاديث الصحيحة، تشرق منزلة علي بن أبي طالب من رسول الله داخل أحياء قريش، فهو بين العشيرة الأقربين أخو النبي ووصيه وخليفته، وهو بين المهاجرين والأنصار عبد الله وأخو رسول الله لا يدعيها بعد إلا كذاب، وبابه بين الأبواب هو الباب المفتوح، وعلم الجميع أن الله أخرجهم وتركه، وأن النبي في هذا مأمور، وما أمر به فعله إن يتبع إلا ما يوحى إليه، وفي ميادين القتال علم الخاص والعام أن عليا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وعلموا أن الله انتجاه، ويوم بناء المسجد علموا أن الناقة مأمورة، وعلموا أن الكتاب والعترة لا يفترقا حتى يردا على الحوض، وأن العترة في صلب علي وفاطمة عليهما السلام، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ".. علي أصلي.. " (2).
وبين إشراق منزلة علي من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين منزلة هارون من موسى عليهما السلام، يمتد ظلال الدعوة الإلهية، وتحت هذا الظلال تسير الأمة الخاتمة بمنهجها المهيمن على جميع المناهج، وقد حذرهم الله - تعالى - من السلوك في طريق الفراعنة، بعد أن جعل قياس النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى موسى، وقياس الأمة إلى فرعون وقومه (3)، وبعد أن حذرهم من أن يكونوا كالذين آذوا موسى (4)، وبعد أن علموا أن الله يزكي من يشاء، ويجعل بعض الناس لبعض فتنة يمتحنون بها.
.

(١) رواه الطبراني في الكبير، كنز العمال: ١٣ / ١٣٩.
(٢) رواه الطبراني والضياء بسند صحيح، كنز العمال: ١٣ / ٦٠٢.
(٣) المزمل: ١٥ - ١٦.
(٤) الأحزاب: ١٩.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست