الكتاب يعرفون صحة ما جاء به الرسول، ومن ذلك توجهه شطر المسجد الحرام، كما يعرف أحدهم ولده.
وبالجملة، كان التوجه إلى بيت المقدس، ثم صرف عنه إلى الكعبة، امتحانا لأهل الكتاب الذين علموا من أبنائهم أن قيادة الدعوة الإلهية ستنتقل من بني إسرائيل إلى بني إسماعيل، وأن عنوان هذه الدعوة ورسولها هو النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وكان امتحانا أيضا للذين اتبعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من العرب وغيرهم، لأن صرف التوجه عن بيت المقدس سيثير شكوك البعض، وسيغذي أهل الكتاب والذين في قلوبهم مرض هذه الشكوك وهم يصدون عن سبيل الله، وتحت سقف هذا الامتحان ينظر الله إلى عباده كيف يعملون.
ثالثا: اتباع إبراهيم عليه السلام بعد عهد السبي تاجر اليهود بالميراث الذي كتبه الله لإبراهيم، وانطلقوا في اتجاه هذا الهدف بالعمل على إقامة مملكة داود، وعاصمتها أورشاليم، بعد أن تبنوا عقيدة تقول: إن مملكة داود هي وعاء للعهد الإبراهيمي، وعلى امتداد مسيرتهم وبخهم الأنبياء على هذا الاعتقاد، فقال لهم حزقيال:
تقولون: إن إبراهيم كان واحدا وقد ورث الأرض، ونحن كثيرون لنا أعطيت الأرض ميراثا... تأكلون بالدم، وترفعون أعينكم إلى أصنامكم، وتسفكون الدم. أفترثون الأرض؟ " (1)، وقال لهم يوحنا (يحيى): تقولون: " لنا إبراهيم أبا، فإني أقول لكم: إن الله قادر أن يطلع من هذه الحجارة أولاد إبراهيم " (2)، وقال لهم المسيح عليه السلام: " لو كنتم أولاد إبراهيم لعملتم أعمال إبراهيم "، وقال: " أنتم أولاد أبيكم إبليس،. شهوات أبيكم، ترغبون في أن تعملوا، فهو من البدء كان قاتلا للناس " (3).
.