الظالمين هنا، وعلى امتداد الدعوة الإلهية أمر الله عباده بأن لا يزكوا أنفسهم لأنه - سبحانه - أعلم بمن اتقى، وأنه يزكي من يشاء، وتحت سقف التزكية يختبر العباد، قال تعالى: (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا) [الفرقان: 20]، قال في الميزان: " أي أنا جعلنا بعض الناس لبعض فتنة يمتحنون بها فالرسل فتنة لسائر الناس يمتحنون بهم فيتميز بهم أهل الريب من أهل الإيمان، والمتبعون للأهواء من طلاب الحق، وقوله تعالى: (وكان ربك بصيرا) أي: عالما بالصواب في الأمور، فيضع كل أمر في الموضع المناسب له، ويجري بذلك أتم النظام، فهدف النظام الإنساني كمال كل فرد بقطعه طريق السعادة أو الشقاوة على حسب ما يستعد له ويستحقه، ولازم ذلك بسط نظام الامتحان بينهم، ولازمه ارتفاع التمايز بين الرسل وغيرهم " (1)، وقال ابن كثير في تفسيره في معنى الآية: " أي اختبرنا بعضكم ببعض وبلونا بعضكم ببعض لنعلم من يطيع ممن يعصي، ولهذا قال: (أتصبرون وكان ربك بصيرا)، أي: بمن يستحق أن يوحى إليه، كما قال تعالى: (الله أعلم حيث يجعل رسالته) [الأنعام: 124]، ومن يستحق أن يهديه الله لما أرسلهم به ومن لا يستحق ذلك، وقال ابن إسحاق في قوله: (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة)، أي: لو شئت أن أجعل الدنيا مع رسلي فلا يخالفون لفعلت، ولكني قد أردت أن أبتلي العباد بهم وأبتليكم بهم " (2).
ولما كان الناس يختبرون بالأنبياء والرسل، فإنهم يختبرون أيضا بتلاميذ الأنبياء والرسل وحواريهم وأوصيائهم، ولقد تم اختبارهم بأبناء هارون وبتلاميذ المسيح عليه السلام. ويشهد بذلك كتب التراجم والتواريخ والسير، والأمة الخاتمة لم تستثن من ذلك، ولقد قابلت دائرة هارون وبنيه في الشريعة الموسوية، دائرة علي بن أبي طالب وبنيه في الشريعة المحمدية، ففي الحديث الصحيح روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي بن أبي طالب: " أنت مني .