وعلى طريق المنزلة رويت أحاديث صحيحة، يرى فيها موقع الذروة الذي يستقيم مع موقع المنزلة، وسنذكر بعض هذه الأحاديث في موضعها.
ثانيا: أضواء على المنزلة العالية قامت الدعوة الإلهية على امتداد المسيرة البشرية، بمخاطبة الإنسان الذي يسلك طريقها، وإرشاده إلى ما فيه سعادته، وحذرت من الذين يتلبسون بالدين، لأن مهمة النفاق في ديار الذين آمنوا لا تنفصل عن مهمة الشيطان الذي اعتمد في برنامجه القعود على الصراط المستقيم: (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم) [الأعراف: 16]، وتيار الصد عن سبيل الله اعتمد على المنافقين في حفر الحفر العديدة، التي على امتداد مسيرة الذين آمنوا، ومن خلال هذا الحفر رفعت الأعلام العديدة، التي تقوم برامجها بالتعتيم على الفطرة، والقافلة الإسرائيلية لم تسقط في مستنقع عبادة العجول نتيجة لغزوها من الخارج، وإنما سقطت أولا من الداخل، على أيدي الذين يجلسون تحت خيامها ويتلبسون بالدين.
والدعوة الإلهية الخاتمة بينت أن المنافقين يلقون الناس بالأيمان الكاذبة الآثمة، ليصدقوا ما يقولون، فيغتر بهم من لا يعرف جلية أمرهم، ويقتدي بهم في ما يفعلون، ويصدقهم في ما يقولون، فيحصل بهذا ضرر كبير وبينت الدعوة أن منهم أصحاب أشكال حسنة وألسنة ذي فصاحة، وإذا سمعهم السامع يصغي إلى قولهم لبلاغتهم، ولهذا قال تعالى: (هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) [المنافقين: 4]، وقال تعالى: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا) [النساء: 145].
ولقد وصفهم القرآن بأوصاف، منها أنهم رجس، قال تعالى: (إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون) [التوبة: 95]، فهم في دائرة الخبث والتنجس نتيجة لما تحتويه بواطنهم واعتقاداتهم، والذين في قلوبهم مرض ويتلبسون بالدين الخاتم ورثوا قلوب الذين سبقوهم من بني إسرائيل