وجاء الحق - سعيد أيوب - الصفحة ٢٧
وبالجملة، حذر الله - تعالى - الأمة من تنظيمات أهل الكتاب، التي لها أهداف قريبة وأهداف بعيدة، والتي يحمل أعلامها الفرق المتعددة والطوائف المختلفة، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين) [آل عمران: 100]، قال المفسرون: يحذر - تبارك وتعالى - عباده المؤمنين من أن يطيعوا فريقا من أهل الكتاب، الذين يحسدون المؤمنين على ما آتاهم الله من فضله، كما قال تعالى: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم) [البقرة: 109]، وهكذا قال هاهنا: (إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين) [آل عمران: 100]، وفي آية أخرى قال تعالى: (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم) [آل عمران: 69].
وباختصار، فالقاعدة العريضة منهم ودوا لو يردون الذين آمنوا من بعد إيمانهم كفارا، وهناك فرق حملت أعلام هذه القاعدة وانطلقت رجاء تنفيذ هذا الهدف، وهناك طائفة من أهل الكتاب مهمتها إطفاء الأنوار رغبة منها في أن تضل قافلة الذين آمنوا عن الطريق، والمعنى: أن الطائفة في خدمة الفريق، والفريق في خدمة القاعدة، وليس معنى هذا أن قاعدة أهل الكتاب خالية من العلماء الذين يبحثون عن الحقيقة، فهؤلاء أثر أقدامهم على الطريق، والإسلام لم يغلق أبوابه أمام الذين يريدون الاستبصار منهم في الدين، وقد أمر الله - تعالى - بمجادلتهم بالتي هي أحسن، فقال في آية محكمة: (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) [العنكبوت: 46]، وقوله: (إلا الذين ظلموا منهم) يعني أهل الحرب، وذكر - تعالى - في كتابه أن الذين قالوا إنهم من أتباع عيسى عليه السلام وعلى منهاج إنجيله، فيهم مودة للإسلام وأهله، وما ذاك إلا لما في قلوبهم من الرقة والرحمة، ويوجد فيهم قسيسون، وهم خطباؤهم وعلماؤهم، ورهبانا، من صفتهم بأن فيهم العلم والعبادة والتواضع والانقياد للحق واتباعه والإنصاف، وإذا سمعوا ما أنزل الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم، ترى أعينهم تفيض
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 31 32 33 ... » »»
الفهرست