ونفس الدور قام به بع وفاته شقيقه الثالث معين الدين الذي كان رسول الملك الكامل محمد إلى الخليفة المستنصر في بغداد وألقى أمامه كلمة تقول: عبد الدولة المقدسة المستنصرية يقبل القباب التي يستشفى بتقبيل ثراها ويستكفى بتمسكه من عبوديتها بأوثق عراها، ويوالي شكر الله تعالى على إماطة ليل العزاء الذي عم مصابه بصبح الهناء الذي تم نصابه حتى تزحزح عن شمس الهدى شفق الاشفاق فجعل كلمتها العليا وكلمة معاديها السفلى وزادها شرفا في الآخرة والأولى، ثم تولى الوزارة من قبل نجم الدين... (107) أما الشقيق الأصغر فخر الدين فقد خلع العمامة ولبس زي الأمراء ونادم الملك الكامل وتخلى عن دوره الفقهي... (108) - الفقهاء والمماليك:
ورث المماليك عن الأيوبيين مذهب الأشعري في العقيدة والشافعي في الفقه الذي فرضهما السلطان صلاح الدين على المصريين بعد تصفية الوجود الشيعي فيها... (109) وفي سنة (665 ه) أصدر الملك الظاهر بيبرس مرسوما بقصر التعامل في مجال الفتوى على أحد المذاهب الأربعة وفي مجال العقيدة على مذهب الأشعري.. (110) ولما كان حكام المماليك أصولهم من الرقيق كانت حاجتهم إلى الشرعية أشد من حاجة غيرهم من الحكام فمن ثم قد احتضنوا الفقهاء وقربوهم وأنعموا عليهم بالمناصب والعطاء فأصبحوا ظلهم الدائم لا يقطعوا أمرا دونهم..
وكان فقهاء الشافعية هم الأقراب دوما من السلطان وأكثر المتولين لمناصب القضاء على مستوى مصر والشام دائرة حكم المماليك..
وكان حكام المماليك يمارسون سنة الأيوبيين والعباسيين من قبلهم في اختيار السلطان ومبايعته بشهادة الفقهاء ومباركتهم..