تتماشى ومفاهيم الدين الإسلامي وروح القرآن (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ولولا اعتقادنا - سنة وشيعة - بأن الله سبحانه يبدل ويغير، لما كان لصلاتنا ودعائنا من فائدة ولا تعليل ولا تفسير، كما أننا نؤمن جميعا بأن الله سبحانه يبدل الأحكام، وينسخ الشرائع من نبي لآخر بل وحتى في شريعة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم هناك ناسخ ومنسوخ، فالقول بالبداء ليس كفرا ولا خروجا على الدين، وليس لأهل السنة أن يشنعوا على الشيعة من أجل هذا الاعتقاد، كما أنه ليس للشيعة أن يشنعوا على أهل السنة أيضا.
والحقيقة أني أرى رواية المعراج هذه مستوجبة لنسبة الجهل إلى الله عز وجل، وموجبة لانتقاص شخصية أعظم إنسان عرفه تاريخ البشرية، وهو نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إذ تقول الرواية بأن موسى قال لمحمد: إنا أعلم بالناس منك، وتجعل هذه الرواية الفضل والمزية لموسى الذي لولاه لما خفف الله عن أمة محمد.
ولست أدري كيف يعلم موسى بأن أمة محمد لا تطيق حتى خمس صلوات في حين أن الله لا يعلم ذلك ويكلف عباده بما لا يطيقون فيفرض عليهم خمسين صلاة؟!
وهل تتصور معي أخي القارئ كيف تكون خمسين صلاة في اليوم الواحد، فلا شغل ولا عمل، ولا دراسة ولا طلب رزق ولا سعي ولا مسؤولية، فيصبح الإنسان كالملائكة مكلف بالصلاة والعبادة، وما عليك إلا بعملية حسابية بسيطة لتعرف كذب الرواية، فإذا ضربت عشر دقائق - وهو الوقت المعقول لأداء فريضة واحدة للصلاة جماعة - في الخمسين فسيكون الوقت المفروض بمقدار عشر ساعات، وما عليك إلا بالصبر، أو أنك ترفض هذا الدين الذي يكلف أتباعه فوق ما يتحملون ويفرض عليهم ما لا يطيقون.
فإذا كان أهل السنة والجماعة يشنعون على الشيعة قولهم بالبداء، وأن الله سبحانه وتعالى يبدو له فيغير ويبدل كيف شاء فلماذا لا يشنعون على أنفسهم في