فقهيات بين السنة والشيعة - عاطف سلام - الصفحة ٣٦
رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بال ثم توضأ ثم مسح على خفيه ". قال إبراهيم: " كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة " (1).
والجواب عن ذلك: إن جرير بن عبد الله إنما أسلم قبل نزول " سورة المائدة " فقد جاء في ترجمته من (الإصابة): " ففي (الصحيحين) عنه (أي جرير) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: استنصت الناس في حجة الوداع وجزم الواقدي بأنه قد وفد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في شهر رمضان سنة عشر وأن بعثه إلى ذي الخلصة كان بعد ذلك وأنه وافى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع من عامه قال الحافظ: وفيه عندي نظر لأن شريكا حدث الشيباني عن الشعبي عن جرير قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن أخاكم النجاشي قد مات - الحديث أخرجه الطبراني فهذا يدل على أن إسلام جرير كان قبل سنة عشر لأن النجاشي مات قبل ذلك " (2). ومعلوم أن موت النجاشي إنما كان قبل نزول " سورة المائدة " حيث أنه قد توفي السنة العاشرة بلا كلام في هذا.
وثمة تشبت؟؟؟ آخر أورده القسطلاني حيث يقول - عند شرح حديث المسح على الخفين من (إرشاد الساري) -: " وليس المسح بمنسوخ لحديث المغيرة الصريح بمسح النبي صلى الله عليه وآله وسلم خفيه في غزوة تبوك وهي آخر غزواته و " المائدة " نزلت قبلها في غزوة المريسيع... " إلى آخر كلامه.
والجواب: أن غزوة المريسيع هي غزوة بني المصطلق كانت في شعبان سنة خمس وقيل: سنة أربع - كما نقله البخاري عن موسى بن عتبة عند ذكرها من كتاب (المغازي) - وقيل: سنة ست للهجرة وقد نزلت بعدها

(1) قال النووي في تعليقه على هذا الكلام من شرحه لمسلم: ج 3 ص 164: " معناه أن الله تعالى قال في " سورة المائدة ": (فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم...) فلو كان إسلام جرير متقدما على نزول " المائدة " لاحتمل كون حديثه في مسح الخف منسوخا بآية " المائدة " فلما كان إسلامه متأخرا علمنا أن حديثه يعمل به.. " إلى آخر ما ذكره.
قلنا: من أين لنا العلم بتأخر إسلامه وقد تبينا أنه كان قبل نزول " سورة المائدة "؟! كما في الجواب.
(2) الإصابة القسم الأول: ج 2 ص 76.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست