[2] المسح على الأرجل في الوضوء إن الله - سبحانه - قد تعبد خلقه بعبادات كثيرة ومتنوعة وكل منها يؤدى بشكل معين وبترتيب محدد والعلة من وراء هذا الترتيب في أداء العبادة فضلا عن الغاية الكامنة في العبادة ذاتها غير معلومة على وجه التحديد ومن ثم تؤدى هذه العبادات بكل خضوع وإذعان وبشكل توقيفي دون البحث في الحكمة من كيفيتها أو الغاية من ورائها. ولا دخل للعقل في استكناه الحكمة من وراء الكيفية بل هو أمر يعتمد على الاستجابة الخالصة لما يمليه الشارع فحسب. ومن هنا اقتبس لفظ العبادة الذي يعبر عن الأمر الصادر من السيد المطلق - سبحانه وتعالى - إلى مخلوقة وما على هذا المخلوق إلا أن ينفذ هذا الأمر بحذافيره بوصفه عبدا خاضعا لسيده ومولاه.
والوضوء يمثل أحد الأعمال التعبدية التي يؤديها المسلم قبل الصلاة في حالة وجود الماء وتوفر القدرة على استعماله وله كيفية معينة قد ذكرها الله - سبحانه - في كتابه المجيد إذ يقول: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين...) [المائدة / 6].
قال الرازي عند بلوغه هذه الآية من (تفسيره الكبير) في المسألة الثامنة والثلاثين: " اختلف الناس في مسح الرجلين وفي غسلهما فنقل القفال في (تفسيره) عن ابن عباس وأنس بن مالك وعكرمة والشعبي والإمام أبي جعفر محمد بن علي الباقر: أن الواجب فيهما المسح وهو مذهب الإمامية من الشيعة. وقال جمهور الفقهاء والمفسرين: فرضهما الغسل. وقال الحسن