عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ٩٢
ولما كان النهي ثابتا والأمر ثابتا فقد عمل أهل السنة على التوفيق بين النصين المذكورين بأسلوب التأويل والتبرير الذي دأبوا عليه واعتبروا أن الإذن بالكتابة ناسخ لما قبله من النهي عن الكتابة.. (1).
ولنا ملاحظات حول الرواية الواردة على لسان ابن عمرو هي ما يلي:
إن قوله " فنهتني قريش " يشير إلى أن الناهين هم طائفة المهاجرين.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو لماذا لم تنهه الأنصار أيضا..؟ ولماذا أخذ بقول قريش فقط..؟ وهل كانت هناك طائفية في المدينة، كل طائفة لها موقف ووجهة مختلفة في قضايا الدين..؟
وإذا كانت قريش هي القائلة: " ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا ".. فهل كانت الأنصار تقول بغير ذلك..؟
وهل يعني قول قريش هذا ترسيخ اعتقاد أهل السنة في عصمة النبي ورؤيتهم العامة في شخصيته..؟
وهل يشير هذا إلى أن عقيدة أهل السنة تقوم على أساس رؤية قريش دون رؤية الأنصار..؟ (2).
ثم ماذا يفيد قول الرسول صلى الله عليه وآله لابن عمرو وهو يشير إلى فيه: " اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق ". هل يعني تحدي قريش التي تشكك في أقوال الرسول، وأنه من الممكن أن يتكلم في الغضب كلاما غير كلامه في

(١) أنظر معالم السنن للخطابي: ج ٤ / ١٨٤.
(٢) هناك دلائل تاريخية تفيد أن حزب قريش كانت له وجهة وموقف تجاه الرسول صلى الله عليه وآله ورواياته تختلف عن وجهة وموقف الأنصار خاصة فيما يتعلق بقضية الإمامة وآل البيت. وقد برز هذا الموقف بعد وفاة الرسول واجتماع السقيفة. ومن الملاحظ أن أغلب شيعة الإمام علي عليه السلام في عهد الرسول من الأنصار والمهاجرين من غير قريش. انظر لنا السيف والسياسة.
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»
الفهرست