عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٧٩
ولعل البعض يقول على الرغم من ذلك: إن اعتقاد أهل السنة في المهدي هو أقرب إلى العقل والواقع من اعتقاد الشيعة الذين ينتظرون إماما غاب منذ أكثر من ألف عام وهو على قيد الحياة.
والذين يطرحون مثل هذا التصور إنما يغيب عليهم استيعاب قضية الإمامة عند الشيعة. فهم ينظرون إلى قضية المهدي المنتظر نظرة مجردة معزولة عن قضيتها الأم قضية الإمامة. فإن المهدي هو خاتم سلسلة الأئمة التي بدأت بالإمام علي وغيبته هي نتيجة حتمية لحركة هؤلاء الأئمة.
فإذا أهل السنة والشيعة كلاهما يقر بأن الرسول أبلغ الأمة أن هناك اثني عشر إماما يأتون من بعده، فهؤلاء الأئمة لم يظهر منهم سوى أحد عشر إماما عند الشيعة أما الثاني عشر فلم تتح له فرصة الظهور بسب تربص الحكام وبطشهم واضطر إلى الاختفاء إلى أجل يعلمه الله.
وبما أن هذا الإمام من سلسلة آل البيت أبناء فاطمة ووالده الإمام الحادي عشر كان موجودا فلا بد لولده أن يكون موجودا. إذ لا يعقل أن يظهر الإمام الثاني عشر منفصلا عن أبيه بعدة قرون. نحن هنا أمام عدة احتمالات:
الأول: أن الإمام الحادي عشر مات ولم ينجب وبالتالي يكون الإمام الثاني عشر سوف يظهر من سلسلة أخرى غير سلسلة آل البيت.
الثاني: أن يكون الإمام الثاني عشر قد ظهر ومات.
الثالث: أن يكون الإمام الثاني عشر قد ظهر واختفى.
الاحتمال الثالث هو الراجح فلم يثبت تاريخيا أن الإمام الحادي عشر مات ولم يعقب كما يحاول البعض من أهل السنة أن يشكك في ذلك (1).
والثابت تاريخيا أيضا أن الإمام الثاني عشر اختفى بعد ولادته بخمس سنوات فهو ولد دون أن يؤدي دوره ويعلن حجته.

(1) أنظر منهاج السنة لابن تيمية. والمراجع السابقة..
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»
الفهرست