وما يثار عن الانتفاع بغيبته يعود سببه إلى عدم الوعي بدور الإمام وماهية حركته، فالإمام حجة على الناس وممثل لخط الرسول خط آل البيت الذي يعبر عن الصورة الحقيقية للإسلام. فمن عاصره انتفع به انتفاعا مباشرا ومن لم يعاصره انتفع به انتفاعا غير مباشر أي الانتفاع بخطه ودعوته.
فالإمام كالرسول هو الحاضر الغائب في واقع المؤمنين. حاضر بعلمه ودعوته غائب بجسده وهيئته.
إن المؤمن بغيبة الإمام ينتفع به على الدوام، ففضلا عن كونه يعيش حالة تعبئة معنوية دائمة متسلحا بالتقوى والوعي والقوة المادية. هو يسير في ظل الإمام فيعصم نفسه عن الانحراف إلى الباطل ويحصنها في مواجهة الظلم والفساد بعكس المسلم الهائم على وجهه تتجاذبه الفرق والاتجاهات المتناحرة فيميل إلى هذه الفرقة تارة وهذا الاتجاه تارة ويعتزل الواقع تارة أخرى.
والمتأمل في واقع الحركة الإسلامية اليوم يكتشف مدى حالة الحيرة والتيه التي يعيشها الشباب المسلم بين التيارات الإسلامية المختلفة، تلك الحيرة التي تؤدي به في أغلب الأحيان إلى الكفر بهذه التيارات جميعها. وما سبب ذلك إلا فقدان فكرة الإمامة من نفوس هؤلاء الشباب الذين لو كان لهم تعلق بإمام وإن كان غائبا عنهم لاستقامت أفكارهم واستقامت حركتهم.
وقول الرسول صلى الله عليه وآله: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية (1).
فكون الإمام يعد فيصلا بين الإسلام والجاهلية فهذا يعني عصمته، فأداة معرفة الحق هي جزء من الحق. فالإمام المعصوم سوف يوصلنا إلى الحق المعصوم. أما أدعياء الإمامة فلا يوصلون إلا إلى الباطل.
ومعرفة الإمام في ذاتها هي وسيلة للنجاة من السقوط في الجاهلية التي هي نقيض الإسلام. وهي لا تعني بالضرورة معايشة الإمام أو رؤيته رأي العين.
إنما تعني معرفة خطه وطريقه. فما دام المسلم قد تعرف على خط الإمام وسار