عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٧٨
الذي يعيش في عصر غيبة الإمام إنما يهيئ النفس ويعدها في حالة ترقب واستعداد لظهور الإمام ليكون من جنده وينال شرف الجهاد تحت لوائه من أجل إعلاء كلمة الله وتحطيم عروش المستكبرين في الأرض. فمن ثم نرى الشيعة يبتهلون إلى الله في صلواتهم على الدوام داعينه سبحانه أن يعجل بظهوره ليضع حدا للظلم والشرك والفساد الذي ساد البلاد والعباد.
ومثل عقيدة الانتظار هذه أن تشكل عامل تعبئة دائمة للمسلم المؤمن بعقيدة الإمامة تجعل منه قوة صدامية في مواجهة الباطل والظلم والعدوان حتى قبل ظهور الإمام. ولولا عقيدة الإمامة ما نجحت الثورة الإسلامية في إيران.
أما أهل السنة فلا عقيدة المهدي أدنى تأثير على سلوكهم ومواقفهم تجاه الواقع والأحداث، وذلك يعود إلى غموض شخصية المهدي وافتقاد فكرة الإمامة بصورتها الشرعية الصحيحة، مما جعل من قضية المهدي قضية هامشية عندهم تظل في طي النسيان حتى يظهر من يفجرها.
ولقد شكلت حادثة الحرم المكي التي تزعمها جهيمان العتيبي والتي أعلنت ظهور المهدي عام 79، شكلت مفاجأة كبيرة للمسلمين السنة في كل مكان، وقد انجذب نحو هذه الحركة الكثير من شباب الحركة الإسلامية في مصر والجزيرة واليمن والكويت وغيرها الذين فوجئوا بظهور المهدي. وبعضهم كان قد رآه في المنام ثم بعد أن فشلت هذه الحركة وقتل المهدي المزعوم اختفت فكرة المهدي من واقع المسلمين وغابت عن الأذهان في انتظار من يحييها بإعلان " مهدي " جديد.
إن فكرة الإمامة المائعة عند أهل السنة والتي دفعت بهم إلى جعل الحكام أئمة، طاعتهم واجبة وإن جاروا وفسقوا، قتلت في نفوس المسلمين روح مقاومة الظلم والفساد والتمرد على الواقع الفاسد. وقتلت بالتالي في نفوسهم عقيدة انتظار المهدي المخلص الذي سوف يقضي على الظلم والفساد ويقيم دولة العدل والأمان والرخاء. وكان لا بد من قتل هذه العقيدة والتعتيم عليها لأن اعتناقها يشكل تهديدا مباشرا للقوى الحاكمة.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست