عقائد السنة وعقائد الشيعة ، التقارب والتباعد - صالح الورداني - الصفحة ١٨٣
على طريقه فقد نجا من الجاهلية حتى وإن لم ير الإمام. فإن الهدف هو معرفة الإمام وليس رؤية شخصه. ومعرفة الإمام تعني معرفة الحق.
ولعل هذا هو المقصود من قول الرسول صلى الله عليه وآله: " من فارق لجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه " (1).
وفي رواية أخرى: " فقد مات ميتة جاهلية " (2).
أو هو المقصود من قوله لحذيفة: " الزم جماعة المسلمين وإمامهم " (3).
فإن الجماعة المقصودة هنا هي جماعة الإمام المعصوم وليس جماعة الحكام الذين يعبرون عن الصورة الزائفة للإسلام.
ولما كانت الأمة قد انحرفت عن الإمامة فقد انحرفت بالتالي الجماعة ولما استبدلت الإمام بالخلفاء والحكام استبدلت بالتالي جماعة المسلمين الحقة بدول ومجتمعات اعتبر الخروج عن دائرتها خروجا عن دائرة الإسلام. مما قاد الأمة إلى مرحلة الانحطاط الخلقي والاجتماعي والعقائدي مما يوجب ظهور مصلح يقود الأمة ويبعثها من جديد تحت راية الإسلام الحقة التي طواها الحكام وأحلوا مكانها رايات الجاهلية الزائفة.
وهذا هو دور الإمام الغائب أن يعمل على سد هذا الفراغ الكبير الذي أحدثه غياب الأمة عن الإسلام وتبدد صورته الحقيقية. فليست مهمة هذا الإمام تنحصر في الدائرة الاجتماعية أو الاقتصادية، إنما مهمته مهمة عقائدية في المقام الأول، ولعل حالة الانحراف التي كانت سائدة في زمن ولادة الإمام المهدي لم تكن تقتضي أن يتحرك لمواجهتها كما هو حال الأئمة الذين سبقوه. واقتضت حكمة الله أن يدخر هذا الإمام لعصر آخر تكون الحاجة ماسة لظهوره فيه. كما أن ظهوره في عصر هو غريب عنه سوف يكون له أثره الفعال في إنجاح مهمته.

(1) أنظر مسلم والترمذي والنسائي..
(2) أنظر المراجع السابقة..
(3) أنظر البخاري ومسلم..
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 187 188 189 ... » »»
الفهرست