فإذا كان الله سبحانه قد أطال أعمار أهل الكهف ثلاثة قرون لمجرد إحداث معجزة تقام بها الحجة على قومهم. وأطال في أعمار يأجوج ومأجوج وهم قوم أشرار سوف يفسدون في الأرض. وأطال في عمر الخضر وهو فرد واحد ليست له دعوة عامة وليس هناك من رسالة يبلغها للناس. وأحيا الدابة وهي معجزة فردية. ورفع عيسى ليكون حجة على قومه. وأطال في عمر الدجال لينشر الشر في آخر الزمان. أفلا يكون من الأولى إطالة عمر الرجل الذي سوف يواجه الشر وينشر الخير ويقيم العدل وهو يحمل على كاهله مسؤولية كبرى ودعوة عامة للناس أجمعين مسلمين وغير مسلمين هي امتداد لدعوة الرسول صلى الله عليه وآله ومكملة لها في عصر يغيب فيه الإسلام ويغترب عن الناس وتصبح الحاجة ماسة إلى ظهور إمام تتوافر به مؤهلات خاصة تعينه على أداء دوره ورسالته دون تأثر بفتن العصر ومغرياته.
ونحن في واقعنا المعاصر نشاهد أناسا من المعمرين تجاوزت أعمارهم المائة عام بعشرات السنين ولا نجد أي حكمة لإطالة أعمارهم إلى هذا الحد، فليسوا هم بأصحاب علم أو دعوة تنتفع الناس بها وليسوا هم بقادة تحتاجهم شعوبهم.
فلماذا يطيل الله في أعمار هؤلاء؟
إنه ليس هناك من جواب لهذا السؤال سوى أن المعمرين هؤلاء برهان ساطع للناس أن الله سبحانه الذي أطال في أعمار هؤلاء دون فائدة واضحة أو هدف اجتماعي أو سياسي من الأولى أن يطيل في عمر إمام سوف يقود البشرية ويحي الملة وينصر المستضعفين ويقضي عل المستكبرين ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.
وقضية صغر سن الإمام المهدي هي من صور الابتلاء والتمحيص للمؤمنين ومع ذلك فهي قضية لا تصطدم بروح الشرع فقد أوتي يحيى عليه السلام الحكمة صبيا وجعل عيسى في المهد نبيا، فحمل الدعوة والحكمة في مثل هذه السن المبكرة أمر قد تكرر حدوه من قبل.