وقال ابن حجر: إن عائشة كانت تغار من نساء النبي وكانت تغار من خديجة أكثر.. وخلائلها جمع خليلة أي صديقة. وهي أيضا من أسباب الغيرة لما فيه من الإشعار باستمرار حبه لها حتى كان يتعاهد صواحباتها (1)..
وقول الرسول (ص) إني قد رزقت حبها هو تصريح كاف من الرسول يبرر هذا الموقف العدائي من عائشة تجاه خديجة..
وحين قالت عائشة للرسول إنها بديل خديجة الأفضل والخير. كان رده عليها حاسما بقوله: لا والله ما أبدلني الله خيرا منها. آمنت بي إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس. وواستني بما لها إذ حرمني الناس. ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء..
وهذا الرد من الرسول لم يذكره البخاري ومسلم في رواياتهما التي انتهت بقول عائشة فأبدلك الله خيرا منها. وإنما ذكر في رواية أحمد وغيره..
والبخاري ومسلم إنما قدما على سائر كتب الحديث لمثل هذا. فهما قد اختارا الروايات المبهمة والمبتورة فضلا عن الروايات التي تضفي المشروعية على الخط القبلي الذي ساد بعد وفاة الرسول..
وإذا كان مسلم قد احتضن بعض الروايات التي تخص آل البيت والإمام علي خصوم هذا الخط. فإن البخاري أغلق الباب في وجهها تماما ولعل هذا هو سبب تقديمه على مسلم وتسليط الأضواء عليه..
فقول الرسول (ص) عن خديجة إنها كانت وكانت. هي رواية البخاري الذي رفض قبول الروايات الأخرى التي تفصل مآثر خديجة ومكانتها العالية واختار هذه الرواية المبهمة..
قال القرطبي: كان حبه (ص) لها - أي لخديجة - لما تقدم ذكره من الأسباب - في رواية أحمد - وهي كثيرة كل منها كان سببا في إيجاد المحبة. ومما كافأ النبي به خديجة في الدنيا أنه لم يتزوج في حياتها غيرها (2)..