قال ابن حجر: قد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه وإن طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حق الدماء وتسكين الدهماء (1)..
وقال آخر: قوله (ص) " فإنما عليهم - أي على الحكام - ما حملوا وعليكم ما حملتم " تعليل لقوله " اسمعوا وأطيعوا ". أي هم يجب عليهم ما كلفوا به من إقامة العدل وإعطاء حق الرعية فإن لم يفعلوا فعليهم الوزر والوبال وأما أنتم فعليكم ما كلفتم به من السمع والطاعة وأداء الحقوق فإن قمتم بما عليكم يكافئكم الله سبحانه بحسن المثوبة (2)..
ويعتبر الفقهاء أن من خرج عن طاعة الإمام وفارق جماعة الإسلام ومات على تلك الحالة يموت ميتة جاهلية أي على هيئة موت أهل الجاهلية فإنهم كانوا لا يطيعون أميرا ولا ينضمون إلى جماعة واحدة بل فرقا وعصائب يقاتل بعضهم بعضا (3)..
وقد أشرنا سابقا إلى أن الفقهاء تبنوا موقف ابن عمر ومذهبه تجاه الحكام وحظروا القيام على الحكام الفاسق (4)..
والسؤال هنا: لماذا ابن عمر لا عليا أو حذيفة أو أبي ذر أو ابن مسعود أو غيرهم؟
والجواب ببساطة أن ابن عمر مثل التوجه المهادن للحكام من بعد مقتل أبيه ومن ثم اعتمدت رواياته ومواقفه من قبل معاوية وبني أمية. أما علي أو حذيفة أو أبو ذر أو ابن مسعود فقد مثل هؤلاء جميعا وغيرهم الاتجاه الرافض للوضع الذي ساد من بعد وفاة الرسول (ص) بداية من حكم أبي بكر وحتى حكم معاوية وولده..