إن المتابع لسلوك ومواقف الإمام علي من بعد الرسول تتجلى له هذه الحقيقة بوضوح فهو أولا لم يشارك فيما سمي بحركة الفتوحات..
وهو ثانيا الشخص الوحيد الذي بشر به الرسول (ص) كشاهر للسيف في مواجهة أهل القبلة. فهو قاتل عائشة وطلحة والزبير وغيرهم.. ثم قاتل الخوارج من بعدهم. ثم قاتل معاوية من بعد ذلك (1)..
ونظرة إلى حركة الإمام علي وكيفية تطبيقه لأحكام السيف يتبين لنا أنه لا فرق بين تطبيقه وتطبيق الرسول..
يتبين لنا أنه لم يكن يقاتل لغرض القتال وإنما لغرض الدفاع..
ويتبين لنا أنه كان يقاتل بخلق الإسلام لا بخلق الحكام..
يتبين لنا ذلك بوضوح إذا ما نظرنا إلى الجبهات الأخرى التي كانت تواجهه والتي كانت تقاتل من أجل الدنيا..
فهو قد رد عائشة آمنة مطمئنة إلى بيتها ما ارتكبته من جرائم وما تسببت فيه من مفاسد وإراقة دماء المسلمين..
وهو لم يقاتل الخوارج لأنهم قد خرجوا عليه وخالفوا نهجه وإنما قاتلهم عندما رفعوا شعار التكفير واستحلوا أموال المسلمين ودمائهم..
وهو لم يقاتل معاوية من أجل الحكم وإنما قاتل معاوية دفاعا عن الإسلام الذي جاء معاوية لهدمه وتزييفه..
يروى أن رجلا قال لعبد الله بن عمر: ألا تغزو. فقال: إني سمعت رسول الله (ص) يقول: " إن الإسلام بني على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصيام رمضان وحج البيت " (2)..
وابن عمر هو فقيه الصحابة الذي يعتمد القوم على رواياته لم يكن له دور فيما سمي بحركة الفتوحات وهذا الموقف من قبله يضعنا بين أمرين: