كما لم يقم الدليل على أن كلام ابن عمر يناقض القرآن؟
لقد نسي الفقهاء أن معاوية أنكر رواية ابن عمر برمتها ولم يقوم بتأويلها.
إن تصدي معاوية للدفاع عن فكرة القرشية وهو على كرسي الحكم يعني أنه يدافع عن نفسه وعن حكمه. إذ أن أي خطر يهدد هذه الفكرة هو بالتالي يهدد عرشه الذي قام على أساسها..
ولا يخفى على أحد كيف وصل معاوية إلى الحكم وأقام أول نظام ملكي في تاريخ المسلمين..؟
لذا يمكن القول إن فكرة القرشية هي فكرة قبلية برزت في سقيفة بني ساعدة لدعم المهاجرين ضد الأنصار ثم استثمرت سياسيا من بعد هذه المرحلة في مواجهة التيارات المعارضة..
ولو كانت فكرة القرشية صحيحة لكان من الواجب أن يتم تطبيقها بغير هذه الصورة. إذ أن التطبيق الصحيح يقتضي أن يختار من يقوم بالأمر من أفضل بيوتات قريش وأعلاها مقاما. وبتحديد أكثر فإن الأمر يصب في البيت الهاشمي أشرف بيوتات قريش وهو بيت الرسول الذي نص في الرواية الصحيحة عند القوم على أن الله اصطفى من قريش بني هاشم واصطداه من بني هاشم فهو خيار من خيار من خيار (1)..
إلا أن فكرة القرشية انحرفت إلى بيت أبي بكر ثم بيت عمر ثم عثمان ثم استقرت عند معاوية الذي أورثها ولده. وهذا دليل على كونها فكرة من اختراع مرحلة السقيفة..
ونظرا لإيماننا المطلق أن الرسول (ص) لا يطلق الكلام من باب العبث وإنما يتكلم بقدر ولغرض نفع الإسلام لا الاضرار بهم أو إيقاع الظلم عليهم. فإننا من هذا الباب نحكم ببطلان مثل هذه الروايات. إذ لا يعقل أن يبشر الرسول بقريش ويحصر الحكم فيها بينما كل الحكام الذين خرجوا منها عاثوا في