(ص) المتعلقة بالحكام. فهذه الروايات تبدو وكان الذين نطقوا بها هم الحكام أنفسهم لا الرسول فهي تدفع بالأمة نحو الحكام وتربط مصيرها بهم وتبارك مواقفهم وممارساتهم وتوطن في أذهان المسلمين فكرة الحكم الإلهي الذي لا يجوز الطعن فيه أو المساس به بأي صورة من الصور..
ولم يحدث أن اجتمع الفقهاء في تاريخهم على قضية مثلما اجتمعوا على قضية الحكام ووجوب طاعتهم وتجريم محاولات الخروج عليهم..
وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على أن هؤلاء الفقهاء ورواياتهم وفقههم قد تم تسييسه وإخضاعه ليكون في خدمة الوضع الذي ساد بعد وفاة النبي (ص) والذي ظل سائدا حتى اليوم..
وأول ما يلفت النظر من هذه الروايات تلك التي تتعلق بقريش وحصر دائرة الحكم في محيطها..
يروى عن النبي (ص) قوله: " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان " (1)..
وفي رواية أخرى: " الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم " (2)..
يقول الفقهاء: هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر على أن الخلافة مختصة بقريش وعلى هذا انعقد الاجماع في زمن الصحابة فكذلك بعدهم ومن خالف في هذا فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن دونهم بالأحاديث الصحيحة.
قال القاضي: اشتراط كونه قرشيا هو مذهب العلماء كافة وقد احتج به أبو بكر وعمر على الأنصار يوم السقيفة فلم ينكره أحد. ولم ينقل عن أحد من السلف قول أو فعل يخالف ما ذكرنا وكذلك من بعدهم ولا اعتداد بقول النظام - المعتزلي - ومن وافقه من الخوارج أنه يجوز كونه من غير قريش (3)..