* - الفصل الثالث - موقف الرسول الأعظم من التحالف.
1 - أصبح التحالف المكون من بطون قريش مهاجرها وطليقها، ومن منافقي المدينة وما حولها من الأعراب، ومن المرتزقة، دولة حقيقية برئاسة عمر وأبي بكر وبقية قادة التحالف، ولكنها دولة غير معلنة، دولة تؤمن بأن مهمة النبي تنتهي بتبليغ القرآن، وأن القرآن وحده يكفي، ولا حاجة لأحاديث النبي ولا لتوجيهاته.
ومن المؤكد أن رسول الله كان على علم كامل بما يجري، فهو يعلم بقيام التحالف الجديد، ويعرف قيادته والعناصر المنخرطة فيه، ويعرف الأهداف التي جمعت المتحالفين، وأن معرفة كل هذا لا تحتاج إلى كبير عناء، وذلك بملاحظة النقاط التالية:
أولا - هناك أعداد كبيرة من المنافقين في المدينة، قال تعالى: " وممن حولكم من الأعراب منافقون، ومن أهل المدينة مردوا على النفاق، لا تعلمهم نحن نعلمهم، سنعذبهم مرتين " (93)، وتلك حقيقة من حقائق المجتمع الذي كان يقوده الرسول صلى الله عليه وآله.
ثانيا - بعد الفتح كان الناس يعلمون علم اليقين أن قسما كبيرا من الطلقاء الذين أسلموا يوم الفتح كانوا منافقين، يبطنون الكفر رغم تلفظهم بالشهادتين.
ثالثا - أن قسما كبيرا من القبائل العربية قد تلفظوا بالشهادتين طمعا بالمغنم، فهم بمثابة مرتزقة، يأكلون من يقع ويغنمون منه حتى لو كان هو رسول الله (ص، وهم الذين عبر عنهم القرآن بقوله: " يتربص بكم الدوائر " (94).
هذه الحقائق كانت معروفة من قبل عامة المسلمين، فمن باب أولى تكون معروفة للنبي (ص).
ولا شك أن محور التحالف الذي قام بين هذه الفئات الثلاثة لم يكن إنكار نبوة محمد صلى الله عليه وآله، فإن النبوة أصبحت أمرا مفروضا ومعترفا به لدى الجميع واقعا أو تظاهرا، وإنما قام التحالف على عدم جواز أن يجمع الهاشميون الخلافة مع النبوة، وعلى أن لا يكون لأهل البيت أي موقع مميز في الأمة بعد وفاة النبي، وهذا هو الثمرة