خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٧٨
" الرسول كان يبعث السرايا عن اجتهاد لا عن وحي يحرم مخالفته " (50).
وباختصار لقد تحولت تلك الإشاعة إلى قناعة عامة، وصار الرسول مجرد مجتهد، من حق الخليفة المغلب في أي زمان أن يأتي باجتهاد يغاير اجتهاد الرسول، والأهم من ذلك أن الاجتهاد وارد حتى في العبادات، فزيادة الأذان الثالث يوم الجمعة من قبيل الاجتهاد، وكذلك يقع الاجتهاد في حدود الله، فقد أسقط عثمان القود عن عبيد الله بن عمر ولم يقتله، واعتذر عنه " بأنه اجتهد، ورأى أنه لا يلزمه حكم هذا القتل، لأنه وقع قبل عقد الإمامة له " (51).
والاجتهاد قد يستفيد منه أعداء الله، فالحكم بن العاص كان عدوا لله، وكان يؤذي رسول الله في الجاهلية والإسلام، لعنه الرسول وأبعده، ولعن أولاده (52)، لكن عثمان أعاده إلى المدينة معززا مكرما وأعطاه صدقات المسلمين (53)، ولما سئل شيعة عثمان: لم فعل ذلك؟ قالوا: " أداه اجتهاده إلى ذلك، لأن الأحوال تتغير " (54).
وروى الحاكم عن عبد الرحمن بن عوف " كان لا يولد لأحد مولود إلا أتي به النبي فدعا له، فأدخل عليه مروان بن الحكم، فقال الرسول: هذا الوزغ بن الوزغ، الملعون بن الملعون " (55)، ومع هذا أصبح هذا الولد بالاجتهاد رئيسا لوزراء المسلمين! وأعطي هذا الولد فدكا بعد أن أخذت من فاطمة بضعة رسول الله (56)!
كل هذه المتناقضات قد جرت بدعوى الاجتهاد، وكانت من الثمار المرة للشائعات التي أطلقها قادة التحالف، والتي تضافرت لتخلق وضعا حقوقيا لا مثيل له.
(٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 ... » »»