خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٦٦
بعد فتح مكة وتصفية جيوب الشرك، أدركت بطون قريش - المهاجرون منهم والطلقاء - أن النبي قد بترتيب أوضاع عصر ما بعد النبوة، وأن أجل النبي قد دنا، وأدرك المنافقون أيضا ما أدركته البطون، وأيقن الجميع بأن محمدا يخطط ليكون الإمام بعده ابن عمه وزوج ابنته ووالد سبطيه علي بن أبي طالب إماما من بعده، وأيقنوا بأنه إذا نجح في مسعاه، فلن تخرج الإمامة من الهاشميين إلى يوم الدين، وبذلك سيجمع الهاشميون النبوة والخلافة معا، فإذا فعلوا ذلك سيجحفون على قومهم بجحا بجحا على حد تعبير عمر بن الخطاب (2).
لذلك لملمت البطون نفسها لمواجهة نوايا النبي صلى الله عليه وآله، وحدث تقارب جدي بين الذين أسلموا من البطون قبل فتح مكة وبين الطلقاء الذين أظهروا الإسلام رهبة بعد الفتح، فصار عثمان بن عفان وهو من المهاجرين حليفا حقيقيا لأبي سفيان ومعاوية ويزيد والحكم بن العاص وهم من الطلقاء، أي أن الذين أسلموا من بطون قريش قبل الفتح شكلوا جبهة واحدة مع الذين أسلموا بعد الفتح، وصار للجميع موقف موحد من كل الأحداث.
كانت البطون تحكم بلدة مكة وفقا للصيغة السياسية الجاهلية، فجاء محمد صلى الله عليه وآله لينشئ دولة عظيمة تحكم العرب، ولم تكن هناك مصلحة لبطون قريش في أن تعترض على نبوة محمد، مضافا إلى عدم جدوى هذا الاعتراض، ولأجل ذلك وجدت أن من الأفضل لها أن تعترف بحق الهاشميين الشرعي بالنبوة، وفي مقابل هذا الاعتراف يجب أن يعترف الهاشميون بحق البطون بالملك تتداوله في ما بينها خالصا دون الهاشميين، وهذا هو وجه الصواب على حد تعبير منظر البطون عمر بن الخطاب (3).
ولكن النبي محمدا لم يكن راضيا بهذه القسمة، وكان يخطط - بأمر الله ووحيه -
(٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 ... » »»