المزايدة العظمى الرسول على فراش المرض، وقد خير فاختار ما عند الله، وأطلع الأمة بأنه سيموت في مرضه هذا، فأراد أن يلخص الموقف لأمته، ويبدو أن الرسول الكريم قد حدد وقتا لكتابة وصيته، ويبدو أيضا أن عمر بن الخطاب قد أحيط علما بالوقت الذي حدده الرسول لكتابة وصيته، وهذا هو الذي دفع عمر لحشد أعوانه، الذين يرون رأيه ليتواجدوا في بيت الرسول بالوقت المحدد لكتابة الوصية، ويبدو أن عمر قد أحيط علما بمضمون الوصية من العدد الذي أعلمه بموعد عزم الرسول على كتابتها.
فجمع عمر ثلة من حزبه وذهبوا إلى بيت الرسول كعواد وكأنهم لا علم لهم بموعد كتابة الوصية، ولا بمضمونها فجلسوا كعواد وزوار للرسول فقال الرسول (قربوا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا) وعلى الفور تصدى له عمر وقال إن الرسول قد غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا كتاب الله هذا هو القول الملطف أما في الحقيقة كما يروي أبو حامد الغزالي وابن الجوزي (إنه ما أن أتم رسول الله كلامه حتى تصدى له عمر وقال:
إن الرسول يهجر وعندنا كتاب الله حسبنا كتاب الله) وعلى الفور قال الحاضرون من حزب عمر (القول ما قاله عمر إن الرسول يهجر حسبنا كتاب الله (صعق الحاضرون من غير حزب عمر هول ما سمعوا ولما يصدقوا آذانهم وطلبوا إحضار الكتف والدواة. ولكن عمر وحزبه أصروا عدم إحضار الكتف وأكثروا اللغط والتنازع وكرروا أقوالهم السابقة بأن الرسول قد هجر ويهجر... الخ فقدر الرسول إن الكتابة بهذا المناخ ليست مناسبة، وعقب فقال (ولا ينبغي عندي تنازع ما أنا فيه خير مما تدعوني إليه، قوموا عني. وهكذا نجح عمر وحزبه بالحيلولة دون رسول الله وكتابة ما أراد. وقد تناولنا هذه الحادثة المفجعة في كتابنا نظرية عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام من ص